كنت أراقب الأسماك الصغيرة الملونة في الحوض الشفاف كلما جئت لزيارة صديقنا في بيته . وكم ذكرتني حركتها المتزنة السريعة الهادئة الواثقة في حوضها بحركة ( سِمْع ٍ) في قفص حديدي رأيته وولدي في واحدٍ من شوارع صنعاء اليمن كان لا يفترّ لحظة واحدة عن الالتفاف والدوران بسرعة هوجاء وقوة خرقاء تبعده عن تبين وضعه ذلك على العكس من الأسماك التي بدت في تراخيها كمن يتلاءم مع حالتها تلك .
ما لفت انتباهي في آخر زيارة أن سمكة فتر نشاطها فجأة فانسحبت بحركة بطيئة إلى ركن في الحوض وسرعان ما انتبهت إليها السمكات الأخريات وراحت كل منهن تعض أو تنهش تلك السمكة بالرغم من أنها كانت أكبر حجماً من مهاجماتها وكانت تتحرك كمن تبعدهن عنها لكنهن يعدن من جديد كلما هدأت حركتها . وخاطبتني ابنة صديقي الوحيدة قائلة :
(خلص رح ياكلوها .. والله أكلو اللي أكبر منها عمو ، عمو ما بخلو منها شي) نظرت إليها قائلاً :
(من الأفضل أن لا يتركوا منها شيئاً!) ولم تحر الطفلة تعليقاً . وأردفت (ربما الذكرى) ونظرت إليَّ الطفلة بعينين امتدت أجفانهما إلى أقصى ما يمكن .
سؤال صامت : ( وهل تتذكر الأسماك )؟
سمير الناصر