داوت الشك وطغيان المال

إن بذرة الشك تنمو في رحم العلاقات المأزومة , وتدفع العلاقات الإنسانية (الزوجية+الصداقة) إلى حافة الهاوية , ربما أجمل من كتب عن الشك الكاتب العالمي كولن ولسون صاحب روايته الشهيرة (الشك) , ولكننا أمام دراما حاولت أن تثير مواجع الشك ,خماسية داوت الشك، حاولت أن تزج بأبطالها في دائرة الشك ..؟

سيناريو يرسم بحرفية…
صاغ الكاتب سيف رضا حامد خماسية (داوت الشك) بحرفية تحسب له فقدم (حدوتة) مقنعه بأجوائها وشخوصها ,جميلة في تتبع رسم أحداثها ,حوارت تحملت المفاجأة والدهشة والإقناع ,ومفتاح العمل الدرامي كان صاعقاً ,مدخل الخماسية ,سهرة ضمت أربعة أصدقاء وزوجاتهم في سهرة حميمة , بالفيلا الضخمة تفجر (مي) مفاجأة من العيار الثقيل, زوجة صاحب السهرة (مي) لعبت دورها ديمة قندلفت , تطلب الطلاق من زوجها في ليلة الاحتفال بعيد زواجهما ,زوجها (ورد) لعب دوره بسام كوسا , يصعق , تهدده إن لم يطلقها فسوف تبوح باسم العشيقة الموجودة في السهرة, هناك أربع زوجات ,تدور حولهن الشبهات بأن إحداهن هي العشيقة والزوجة الخائنة , ويقع الأزواج في فخ الشك القاتل بأن زوجته تخونه , وينصاع (ورد) ويطلق (مي) كي لا يفضح العشيقة والزوجة الخائنة الموجودة بالسهرة ,وتتصاعد الأحداث المبنية على بذرة الشك القاتلة, (تامر) لعب دوره أحمد الأحمد يشك بزوجته (نورا)لعبت دورها صفاء سلطان ,(مهند)لعب دوره محمود نصر يشك بزوجته (فرح)لعبت دورها دانة جبر , وأخيراً (جاد) لعب دوره جوان خضر يشك بزوجته (ريما) لعبت دورها زينة بارافي ,الجميع سقط في أتون الشك ,وشيئاً فشيئاً نكتشف بأن الأصدقاء هم مجموعة من المهندسين يعملون بشركة هندسية صاحبها (ورد ومي) , وأن (فرح) هي سكرتيرة ل(ورد) و(ريما) موظفة, نعم هي علاقات متشابكة بين العمل والصداقة ,لقد كشف العمل عن علاقات متفسخة ملوثة بالغدر والخيانة والجريمة ,(جاد) يسرق المخططات الهندسية ليبيعها لشركات منافسة وهو الذي كتب تقريراً بصديقه (تامر) ليدخل على أثرها في سرداب عميق ويفقد رجولته من أثر التعذيب, زوجته (نورا) دفعت جسدها ثمناً لتنقذ زوجها, (مهند) يستثمر علاقة زوجته (فرح) المشبوهة ويطلقها لأنها صاحبة تاريخ أسود مع أمها (كما يدعي) ويحاول أن يوقع (مي) المطلقة وصاحبة الثروة الكبيرة ,بحبه وبأنه يريد الزواج منها (زواج ثروتها) بعد طلاقها ,و (نورا) تضع دواء ساماً ل (مي) كي يموت الجنين هي علاقات ظاهرها الصداقة والمحبة وباطنها الحسد والحقد والخيانة, وفي النهاية يجمعهم (ورد) في بيته ليصعق الجميع بأن ماحدث بينه وبين زوجته ليس إلا فخاً لكي يعري الجميع حتى من ورقة التوت .
قد يبدو هذا النص الدرامي محكماً في بنائه جميلاً بحواره ,ولكن ما غفل أو(تغافل) عنه الكاتب والمخرج هو أن صاحب الثروة وزوجته هما ملاكان بريئان من كل شائبة ,وأن هذه الثروة قد تضخمت بطرق مشروعة ,وأن الخيانة والطعن بالظهر و القذارات والسفالة لا تأتي إلا ممن هم دون ذلك , من لا يملك المال يسكنه الحسد والحقد على أصحاب الشركات (منطق أصحاب الثروات الفلكية) .
أداء يرتقي بالعمل
الفنان بسام كوسا ترك أثراً جميلاً بأدائه ,الفنانة ديمة قندلفت بساطة بالتعبير الشفاف , الفنان أحمد الأحمد يحلق بعيداً بأداء عفوي رائع ,الفنانة صفاء سلطان فجرت الوجع الكامن بدورها , الفنان محمود نصر بحرفية يسمو بأدائه , الفنانة دانة جبر تطورت عما كانت كثيراً وبدأت تترك حضوراً, الفنان جوان خضر يجتهد ليحجز له مكاناً بالدراما السورية ,الفنانة زينة بارافي طاقة مبشرة بالفن الدرامي .
إخراج مشوق ….
أبدع هذه الخماسية المخرج مروان بركات صاحب تجربة كبيرة ومهمة بالدراما السورية , قدم إيقاعاً (التوتر والدهشة والصعقة) هيمن على مشاهد العمل ,حرك ممثليه ببساطه ,نوع في حركة الكاميرا ,ليفجر في الممثل الطاقة المثلى ,وفسر ببراعة أجواء العمل الموسيقي الموهوب سعد الحسيني ,فكانت الموسيقى تتصاعد مع الحدث الدامي بحس خلاق.
خماسية تحمل التكثيف الدرامي وإن اختلفنا في مضمون العمل «داوت الشك» جديرة بالمشاهدة .

محمد أحمد خوجة

 

المزيد...
آخر الأخبار