عند اطلاق المشروع الوطني للإصلاح الإداري قبل نحو عامين، تسابقت الادارات للترحيب به، والإشادة بأهميته والحديث عنه كمدخل أساس لكل الإصلاحات باعتباره يتناول الادارات في الجهات العامة التي تقود عملية التنمية والإنتاج والخدمات وسواها وبالتالي ستنعكس إيجابياً على نتائج أعمالها .
لكن المتتبع لما تم تنفيذه من البرنامج الوطني للإصلاح الإداري بالمحافظة خلال الفترة الماضية يلاحظ أنه تم إقامة أنشطة كثيرة من الدورات والورش والاجتماعات المتعلقة بهذا الموضوع دون أن تتحسن سوية الخدمات المقدمة للمواطنين ، وكذلك الحد من حالات الفساد التي تحدث نتيجة الإهمال أو التقصير وذلك في عدد كبير من الإدارات التي خضعت للتدريب والتأهيل ومحاضرات بالإصلاح الإداري .
مما يطرح التساؤلات حول الجدوى من الدورات والمحاضرات التي تقام بالإصلاح الإداري، وضرورة إجراء تقييم لأداء الإدارات وفق نتائج أعمالها من ربح أو خسارة، أو تخفيض الخسارة واعتماد معايير جودة الخدمة المقدمة للمواطنين والخدمات العامة ، وتطبيق القوانين وخاصة بمجالس الإدارة المحلية التي استحوذت على القسم الأكبر من محاضرات ودورات التنمية الإدارية بدليل أن عدداً من المجالس فشل بإيجاد موارد مالية جديدة لتمويل أنشطته وبعضها الآخر لم يتمكن من إيجاد حل لسوء الخدمات العامة التي يقدمها مستخدماً ضعف الإمكانات والأزمة والتسويف شماعة لتبرير تقصيرهم .
ولعل الأهم في المشروع الوطني للإصلاح الإداري يتمثل بوضع الإنسان المناسب في المكان المناسب لأن المقدمات الصحيحة ستؤدي إلى نتائج إيجابية وضرورة أن يكون التقييم موضوعياً وفق النتائج بشكل دوري لتصويب الأخطاء في بدايتها حتى لاتصبح مشاكل مزمنة مع مرور الزمن كما أن تكريم الإدارات التي تقوم بتخفيض الخسائر وزيادة الأرباح والارتقاء بالخدمات والإنتاج يمثل مطلباً مهماً لنجاح الإصلاح الإداري وتحفيز المتميزين بالعمل .
وغني عن البيان أن عدد من الشركات تحولت من الخسارة إلى الربح والعكس صحيح أيضاً مع تغيير إداراتها لأن الإدارة تملك صلاحية إدارة موارد الجهة العامة البشرية والمادية والفنية والخدمية والإنتاجية وبالتالي فإن الأملاك والأموال العامة ليست مجالاً للتجريب .
أخيراً إن تطبيق برنامج الإصلاح الإداري هو ضرورة وطنية ومطلب شعبي وفق جدول زمني وأن لايقتصر على المحاضرات والورش والمطلوب تحقيق كل ماورد فيه من تطوير عمل الجهات العامة ودعم الشفافية المؤسساتية من خلال الاستجابة لتطلعات المواطنين ومعالجة الخلل ومكافحة الفساد الإداري .
عبد اللطيف يونس