.. وأزمة أخلاق أيضاً !

   حالنا كحال النعامة التي تدفن رأسها بالرمال كيلا ترى العاصفة القادمة نحوها ، عندما ننفي أو لانعترف بأزمة أخلاق حادة ، مرافقة لأزمة البنزين التي تشهدها البلاد عموماً ومحافظتنا خصوصاً ، والتي نأمل لها انفراجاً قريباً .

     لن نخوض هنا في الأسباب الحقيقية لأزمة البنزين ، التي بات يعرفها الكبير والصغير وحتى المقمَّط بالسرير كما يقال في أمثالنا الشعبية ، لقد صدقنا وآمنا بأن العقوبات الأميركية الظالمة ، أحادية الجانب وغير الشرعية واللاأخلاقية ،  والحصار الاقتصادي الجائر والصفيق ، هما السبب الرئيسي في أزمة البنزين .
     ولكن دعونا نعترف بأن هناك أزمة أخلاق أيضاً ، تتجسد في احتكار بعض أصحاب المحطات البنزين للمتاجرة غير المشروعة به ، وفي استغلال بعض أصحاب التكاسي للواقع الراهن  لمصالحهم الشخصية الضيقة ، بغية الاستفادة المادية بحدودها القصوى ، فتراهم يملؤون خزانات سياراتهم بمخصصاتهم من البنزين ويبيعونه بالسوق السوداء !.
    وإذا لم تكن هذه أزمة أخلاق ، فماذا نسمي احتكار محطة محروقات قرابة 20 ألف لتر من البنزين في عز الأزمة الخانقة ، فصادرتها التجارة الداخلية وخالفت صاحبها؟.
    وماذا نسمي إقدام صاحب تكسي يبيع لتر البنزين بأكثر من ألف ليرة ، بعدما اشتراه من المحطة بالسعر النظامي؟.
    وماذا نسمي توافر البنزين في العديد من المحال بالأحياء ، ولكن بسعر يتراوح ما بين ال 1200 و 1500 ليرة للتر ؟.
    وماذا نسمي تقاضي بعض السائقين أجرة مضاعفة ثلاث مرات لأي توصيلة يطلبها مواطن مضطر لاستخدام التكسي في تنقله؟.
     بل ماذا نسمي من يبيع دوره القريب من مضخة المحطة لصاحب سيارة يقف بآخر الطابور الطويل ؟.
    نكتفي بهذا القدر ،  ولن نوغل في إيراد مظاهر أخرى هذه الأزمة الأخلاقية ، التي تدل على وجود ضعاف نفوس بيننا يسخِّرون كل شيء لمنافعهم الذاتية ، ويستثمرون حتى وجع الناس وآلامهم لجني المزيد من المال  غير عابئين بأي قانون أو عرف أو أي شيء غير الجشع وإشباعه !.
     وبالتأكيد ، ينبغي للجهات المسؤولة مكافحة هذه الأزمة الأخلاقية وصناعها والمستفيدين منها ، بسلطة القانون للتخفيف قدر المستطاع من آثار الأزمة النفطية على الناس الذين يعانون منها وصبروا عليها ، كي يفوتوا فرصة استثمارها بأبشع الصور على أعداء وطنهم أرضاً وشعباً وجيشاً وقيادة .

محمد أحمد خبازي

المزيد...
آخر الأخبار