كثيراً ما كنا ونحن صغاراً وقبل أن نخلد إلى النوم نتأمل لاسيما في ليال الصيف ومن على سطوح بيوت قرانا تلك القبّة العجيبة الغريبة المدهشة المرصعة بالقناديل ..بالمصابيح الإلهية البهية والمطرزة باللؤلؤ والياقوت والزبرجد ..
قبة لانملُّ ولا نتعب ونحن نراقب ونتابع ما يدور من وقائع ماتعة مثيرة من حلقات مسلسلها اليومي الذي يعرض على مدار الليل عبر شاشة الخلق العظيم
قبةٌ من أو في عالم آخر ..كون يطفح بالنجوم وبالمجرات وبالكواكب تومض ..تسطع .. تخفت ..تنطفئ فيومض ..يسطع ..يرتجف قلبنا الصغير وتبدأ الأسئلة
عالم من الضوء ومن النور ..عالم يشدنا من عيوننا المتوجسة القلقة ..ومن قلوبنا النابضة بألق المحبة والنقاء ..من عقولنا المتقدة المتوقدة الباحثة أبدا عن أجوبة أو بعض مفاتيح لفك رموز أسئلة بحجم ذاك السطوع الكوني المهيب
عالم أو عوالم من نجوم ثنائية وثلاثية متدانية متلاصقة ومن تجمعات لنجوم وكأنها حقل قمح يانع أو عناقيد دالية تاقت لكرّامها أو كرمة لوز فاضَ زهرا وفراشات ..
نجوم ومجرات ومذنبات ونيازك وكواكب ساحرة تتجاذب أحيانا وتتنافر ..يرحل احدها فجأة كنيزك فنصرخ من دهشتنا وكأننا في حضرة لقطة من فلم رعب ..فيتبعه نجم ثاني وثالث ..نتابع بقلق مسارهم ونخشى أن يتبعه نجم ويسقط فوق بيوتاتنا الواهنة التعبة
قبّة وكأنها كتاب مفتوح أو شاشة عرض كبيرة ينتشر على جلّ مساحتها مناديل ضوئية باهرة قد هزتها يد عاشقة كلفة بأقمار من تحب لتهرّ منها كواكب ومجرات ويتبعه غبار كثيف من قناديل مازالت عالقة على كتف (سهيل)
وعلى ذكر سهيل كم علينا أن نعيد قراءة تلك الحكايات التي نسجتها الأخيلة الجمعية الحيوية للأجداد والتي مازلنا نتناولها بكثير من الدهشة والإعجاب والفتنة ..قصص عكست ما تمتعت به الذهنية الحكائية من حيوية استثنائية وكيف لا والسماء كانت المؤنس لوحشتهم ودليل سفرهم ومنجاتهم من كوارث طبيعية مناخية بعد أن استطاعوا امتلاك مفاتيح السماء وتهجي كل أبجدياتها استطاعوا أن يؤسسوا – بعد أن أنسنوا كل ما فيها – لواقع أكثر أمنا ولمستقبل يليق بحيوية أذهانهم وأفكارهم .
سهيل ومن منا لم يقرأ أو يسمع ما حيك حوله من قصص وحكايا بقيت ما بقي سهيل
سهيل الذي قتل نعشا وكان لنعش سبع بنات حزنَّ عليه حزنا شديدا واقسمن أن لا يدفن جثته إلا بعد أن يثأرن له فحملت أربعة منهن جثمان أبيهن بينما سارت الثلاثة يتعقبن سهيلا ومضت أزمنة وأزمنة وما زال سهيلا هاربا وبنات نعش يتعقبنه.
فكم نحتاج إلى إعادة قراءة تلك الحكايا من منطلق أنها تشكل مخزونا معرفيا ثقافيا فكريا تراثيا ثرّاً يضاف إلى تراثنا المادي المنتشر على جغرافيتنا ..وكم علينا أن نقدم قراءات جديدة تحضر فيها دوافع وأسباب ومسببات كتابتها وآلية تناقلها وروايتها تاريخيا .
حكايات وقصص بملكات لغوية مدهشة استثنائية والسؤال الذي يُطرح هنا هل تم كتابتها أو حتى وقوع أحداثها على أرض الواقع ومن ثم إسقاطها على حركة الكواكب والنجوم بعد إمعان وتأمل مديد للسماء وما عليها ؟؟ّ
أم بعد كل هذا الترقب والمراقبة لحركات كل مفردات السماء من نجوم وكواكب ومجرات و..الخ تم تقديم قراءة قصصية عبر مخيال فذ حيوي فعال أنتجت ما أنتجته ؟؟
عباس حيروقة