أسرع .. فالموت سريع أيضاً !!.

قد تكون هذه العبارة مشابهة ( لفظاً ) لعبارة أخرى ، نعرفها جميعاً ، بل نحفظها عن ظهر قلب ، فقد سبق أن قرأناها (أعني العبارة الأخرى) مراراً وتكراراً ، قرأناها وهي مكتوبة على خلفيات شاحنات النقل أو باصات السفر ، ولكنها في الحقيقة مختلفة عن سابقتها في المعنى والمقصد ، فما كتب على الباصات والشاحنات يقول : ( لا تسرع .. فالموت أسرع ) ، وهو تحذير موجه إلى المركبات ، التي تتجاوز بسرعتها الحد المسموح به ، وذلك في أثناء (رحلاتها) المختلفة ، أما عبارتي التي استهليت بها مقالتي : ( أسرع .. فالموت سريع أيضاً ) ، فهي موجهة إلى أي واحد منا ، لتكون نبراساً مضيئاً ، مفيداً ، مرشداً ، نسير على نهجه في أثناء ( رحلات ) حياتنا !!.
أقول قولي هذا ، وأنا أستعرض في مخيلتي صور أشخاص كنت أود لو زرتهم قبيل وفاتهم ، ولكنني تباطأت بعض الشيء في تحقيق هذا الأمر ، لسبب أو لآخر، فأفاجأ بمغادرتهم هذه الحياة قبل أن أترجم رغبتي هذه إلى واقع ملموس ، فالموت كان أسرع بكثير من سرعة تنفيذي لما كنت أصبو إليه ، أجل .. كان أسرع !!.
مثلاً .. أحدهم ، كنت أرغب في زيارته مراراً ، لكنني كنت أنتظر مرور بعض الوقت على وفاة زوجته رحمها الله ، ريثما يخرج من حالة الحزن التي يعيشها ، ويتخلص من جو الكآبة الذي يتماهى معه ، بيد أنني فوجئت بخبر رحيله هو (رحمه الله ) ، قبل أن أقدم على هذه المبادرة ، وقبل أن يمر زمن طويل على رحيل زوجته !!..
والثاني ، علمت بأنه على فراش المرض ، وصدف أن كانت أيام عمل دائم وانشغال مستمر ، في الفترة الزمنية التي نبئت فيها بالخبر ، فقررت بيني وبين نفسي أن أزوره في بيته يوم جمعة قادم ، لكنني فوجئت في صباح هذه الجمعة بالذات ، باتصال هاتفي من قبل أحدهم ، يخبرني فيه أن صديقنا المريض قد امتدت إليه يد المنون ، وانتقل الى رحمة الله وعفوه ، فكان أن حضرت جنازته ، من دون أن أحظى برؤيته والاجتماع به …..
والثالث ، كنت أمر أمام مبنى وظيفته السابقة ، في شركة الفرات للنفط ، كنت أمر أمام هذا المبنى كلما سافرت إلى دمشق ، متجهاً إلى مقر اجتماعنا في اتحاد الكتّاب العرب ، ولكنني حسب معلوماتي القديمة ، كنت أظنه مازال منتدباً للعمل في هيئة الرقابة والتفتيش ، البعيدة في مكانها عن موقع هذه الشركة ، ولكنني حين علمت متأخراً أنه قد عاد إلى وظيفته السابقة في شركة الفرات ، قررت زيارته في أول زيارة قريبة إلى دمشق ، وفعلاً سافرت ، ومررت أمام شركته ، وعندما هممت الدخول إليها ، فوجئت بورقة نعي ملصقة حديثاً بأحد الجدران ، وفيها خبر وفاته رحمه الله !!.
ربما هناك أشخاص آخرون ، لاتسعفني الذاكرة الآن بحكايات وفاتهم المفاجئة، فعسى أن تعود هذه الحكايات قريباً إلى مخيلتي ، لأرويها لكم .. رحم الله جميع من ذكرت ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .

د . موفق أبو طوق

المزيد...
آخر الأخبار