عادات وطقوس الزواج تختلف من منطقة لأخرى ضمن طقوس وعادات توارثت وانتقلت من الأجداد للآباء عبر التاريخ، وحديثنا اليوم عن عادات وتقاليد الزواج في مدينة حماة حيث بقي منها ما بقي واندثر منها من اندثر عبر الزمن لتحل محلها عادات أخرى تناسب الواقع الحالي ولا تختلف عن جوهر تلك العادات .
عندما يبلغ الشاب سن الزواج ويبدأ التفكير بشكل جدي بالاستقرار وإنشاء أسرة يبلغ أسرته عن قراره حيث تبدأ مرحلة البحث عن الفتاة ، وهو أسلوب كان متبع في الماضي ومع تطور الحياة أصبح بإمكان الشاب أحياناً اختيار الفتاة وإبلاغ الأهل من أجل طلبها ، ولكن العرف المتبع وهوالسائد بشكل عام يتم عن طريق الأهل دون معرفة مسبقة من الشاب ، حيث تقوم أم العريس أو أخته بالتصريح بأننا نريد أن نخطب لابننا ، ويتواصلون مع الأصدقاء والأقارب ( بتعرف منكم وحدة حلوة وأهلها أوادم وكِرام توصف لنا إياها من أجل خطبتها )، ولا مانع من الاستعانة بخاطبة إن وجدت ومعها أسماءهم وصورهم أحياناً.
وبعد البحث والعثور على فتاة ، يتم الاتصال بأهل البنت هاتفيا وتحديد موعد للزيارة، حيث تذهب أم العريس وأخته الكبرى بداية للتعرف ، وتتكرر هذه الزيارات لبيوت عدة حتى يتم اختيار الفتاة المناسبة، ويتم الاستعانة بنساء لديهن خبرة من كبار السن من أجل إبداء الرأي النهائي بالعروس .
طرق اختيار الفتاة:
من أجل التأكد من صفاتها الجسدية والعقلية تطلب إحدى النسوة من الفتاة بصوت خافت : لوسمحتِ يا بنتي شكي لي الإبرة وتعطيها ابرة خياطة رفيعة وخيط، من أجل فحص سمعها وبصرها، وأخرى تتفحص مشيتها وحركتها، وأخرى تقترب منها جدا أثناء الحديث لتفحص هل لها رائحة فم أم لا، وأخرى تناول الفتاة جوزة أو لوزه و تقول لها: بعد إذنك اكسري لي هالجوزة وذلك لتفحص سلامة أسنانها، ومن أجل فحص قوامها وجسمها يتم التحري عن وقت ذهابها إلى حمام السوق والذهاب إلى نفس الحمام للمشاهدة والمراقبة خلسة( وهذا كان يتم سابقاً ولم يعد يعمل به الآن) ، وحتى هذه اللحظة لم يتم طلب الفتاة بشكل رسمي وكلها خطوات مبدئية .
طلب العروس
فإذا اجتازت الفتاة كل هذه الاختبارات الصعبة والتي مازال بعضها معمولاً به يكون قد حصل قبولا مبدئياً، وهنا ينتهي دور أم وأخت العروس والنساء ، ويأتي دور الرجال، حيث يقوم والد العريس وإخوته وأقرباؤه بالبحث والتعرف على أصل وفصل الفتاة ومن حيث الأخلاق والمعاملة، وهل يوجد عند أهلها ما يعيب ، وإذا تمتعت الفتاة وأهلها بكل تلك المزايا الحسنة يطلب من النساء طلب العروس ، حيث تذهب أم العريس مصطحبة معها أخوات العريس وكناينها إن وجدن وأقاربها المميزين، ويعرفوا على أنفسهم وعائلتهم وعريسهم، ويتقدموا بطلب يد البنت رسميا، ويتم تحديد موعد للرد، رفضا أم قبولاً.
تحري أهل العروس عن العريس
هنا تنتقل المبادرة لأهل العروس و رجالهم خصوصاً بشأن حملة تقصي واسعه عن العريس وأهله وأقاربه وعمله وسمعته بين الناس ومركزه الاجتماعي. وقد جرت العادة بأن يتوجهوا بالسؤال إلى جيران العريس في السكن والعمل، وإلى كل من يعرف هذه العائلة.
كما جرت العادة أيضاً أنه إذا كان أحداً قد سأل عن العريس وكان يعرف شيئا عن العريس أو عائلته غير لائق أن يرد بقوله: إن شاء الله بيصير لكم نصيب أفضل، دون أي زيادة في الكلام وأحياناً يمتنع عن التصريح عن رأيه خوفاً من أن يصل كلامه لأهل العريس وتحدث مشكلة معهم ، أما إذا كانت نتيجة البحث إيجابية، يتم الرد على طلب أهل العريس بالقول: أهلاً
وسهلاً (مقدمة جارية لمطبخكم) ، (بتطلع من بيت أهلها لبيت أهلها).
الشوفة وإتمام الخطة
يتبع هذه المرحلة عدد من الاتصالات لترتيب الأمور والاتفاق على المهر مقدمه و مؤخره، وعلى الجهاز والسكن وبعض الشروط إن وجدت، ويتم الاتفاق على كافة التفصيلات، كما يتم الاتفاق على تحديد موعد للشوفة، (القصد منها أن يرى العريس والعروس كلا منهما الآخرمن أجل الاستئناس والتعرف ) حيث يذهب العريس مع والدته إلى بيت العروس مصطحبا معه هدية اسمها (الشوفة)، وتكون خاتماً غالباً وكان سابقاً يضع العريس أو والدته قطعة ذهبية ، وتدخل العروس وهي محجبة وبدون أي زينة ليراها على طبيعتها ، و تسلم وتقدم فنجان القهوة وتقف لحظات ثم تخرج.
فإذا نالت العروس رضا وإعجاب العريس بها، وضع الهدية أمامه على الطاولة ، وبالمقابل إذا وافقت البنت على الشاب من حيث الشكل، تأخذ أمها الهدية كدليل على هذه الموافقة، أما إذا لم تأخذ أم العروس الهديه فهذا يعني عدم الموافقة وينتهي كل شيء.
بعد هذه المرحلة تأتي المبادرة إلى الرجال ثانية، حيث يصطحب أبو العريس جاهة من كبار أقاربه ومعهم العريس إلى بيت العروس لطلب يد البنت رسميا ودفع معجل المهر، ويقابلهم أهل العروس بجاهة مماثلة، حيث يتم التعارف بين الأسرتين ويتم طلب يد البنت رسميا و (غير بدارك لو من عند جارك) وتقرأ الفاتحة على نية التيسير ويتم دفع المهر، ويدعى الحاضرون إلى مأدبة طعام حافلة بأطايب الطعام والفاكهة والحلويات.
يتم بعدها إقامة حفلة تسمى (تلبيسة الخاتم) يحضرها العريس ويقوم بإلباس الحلي الذهبية لعروسه وطبعاً يكون ذلك بعد عقد القران عند الشيخ بمنزل العروس وتوثيقه في المحكمة الشرعية ، ويتم الاتفاق على موعد العرس، وغالبا يكون اثنين أو خميس، وفي الصيف تتم معظم الأعراس والأفراح .
وتُجلب العروس الى منزلها الجديد بموكب من السيارات وهي تطلق أبواقها مصحوبة بالزغاريد والأغاني، ويقام للعريس سهرة في مكان آخر حيث يتم تصفيف شعره وإلباسه طقم العرس (وكان سابقاً يقدم له أصدقاؤه كل واحد من أصدقائه قطعة ملابس , قميصاً أو كندرة ,وأحياناً يبقى أصدقاؤه يتابعون حركاته وتنبيه دائماً لكي لا يتلفها وخصوصاً الطقم والكندرة ثم يجلبه رفاقه في عراضة ليدخل الى زوجته في مكان حفل النساء أو منزل الزوجية .
وكانت أم العروس تنام عند بيت العريس في ليلتها الأولى، وعند الصباح تغادر وهي عادة اندثرت وبقيت عند القلة القليلة .
يتبع الزفاف أسبوعاً من التهاني والتبريكات ويستمر لأكثر من شهر أحياناً ، ولابد من الحديث عن النقوط، فأهل العروس ينقطونها وأهل العريس ينقطونه، إما حلياً ذهبية أو مبالغ نقدية أو هدايا عينية، وهي دين و وفاء على العروسين .
ونذكر أخيراً أنه هناك بعض العادات قد اختفت نوعاً ما مثل حين الطلب وهو مبلغ يسجل بالعقد تطلبه الزوجة متى أرادت ذلك وتلبيسة المباريم الذهبية والتي كانت منتشرة بشكل واسع وقد تم التخفيف منها بسبب ظروف غلاء المعيشة ، ومع تمنياتي لجميع الأزواج الجدد بالرفاء والبنين وراحة البال والسعادة .
ماجد غريب