الهدر أحد أوجه الفساد

للفساد أوجه عديدة منها الهدر، ولا يقتصر الهدر على الأموال العامة بل يتعداها إلى الأموال الخاصة، وهذا مايسمى الإسراف أو البطر وخاصة إذا كانت الأموال التي تأتي من الجشع وطريق الحرام، فالإسراف في المياه يشكل هدراً لأنه اعتداء على عدالة التوزيع، والإسراف بالطعام هو خلق جائحة جوع عند الفقراء عملاً بمقولة: ماشبع إنسان إلا على حساب جوع إنسان آخر، والغش في لجان المشتريات للمؤسسات العامة هو هدر للأموال العامة، وإرساء المناقصات على الأصحاب والأحباب بطرق معينة وطلب الاستفادة، وبالتالي هدر لأموال الدولة، وتدوين إذونات سفر دون السفر يعد ذلك تقاعساً وسرقة لأموال الدولة، وتفضيل أصحاب المال على المواطنين أصحاب الحاجات الضرورية يعد مخالفة لمهام المديرين والمسؤولين التي أوكلت إليهم. وإن الاهتمام بالشرائح الاجتماعية الأكثر كدحاً وإنتاجاً هي التي يجب أن يهتم بها المسؤول،والجانب الأهم في الهدر هو هدر الوقت لأنه كالسيف إن لم تقطه قطعك ، فالوقت يجب أن يصرف في أعمال مفيدة تنفع المجتمع وكل ماعدا ذلك هو هدر وضياع للوقت، وعدم احترام الدوام الرسمي في الدوائر والمؤسسات من حيث التأخر أو الغياب أو التقاعس في العمل هو هدر أيضاً لأموال الدولة، واستخدام سيارات الدولة في غير المهمة المنقولة إليها يعد من مقومات الهدر والتبذير، وإن عدم تواجد بعض المديرين في مكاتبهم بحجة الاجتماعات بينما هم يداومون في مكاتب المسؤولين تاركين أعمالهم، هو أيضاً هدر للعمل والوقت في آن واحد، وعرقلة مطالب المواطنين المشروعة في مراجعتهم لبعض الإدارات التي لها مساس بحاجاتهم، وإن ضعف الرقابة التموينية على الأسعار والأفران وانشغال بعض موظفي هذه الرقابة في أمور أخرى هو مضيعة للوقت وعدم القيام بالمهام الموكولة إليهم مما يسبب أذى لذوي الدخل المحدود في قوتهم وعيشهم، وثراء للجشعين الذين يتلاعبون بأسعار المواد الضرورية برفع أسعارها على حساب الفقراء. إن الاهتمام بالأمور الصغيرة التي لا فائدة لها، وترك الأمور الكبيرة التي لها مساس بحاجات الناس اليومية، يعدّ من حالات الهروب التي تعبث بالوقت واستخدامه في الأمور التي تفيد المجتمع،وإن تعقيد معاملات الناس من خلال الروتين بعيداً عن المبادرات الذاتية وتراكم العمل من خلال الاستقبال والوداع والاستهتار بالوقت والطلب من المراجعين العودة غداً أو بعد غد هذا هو قمة الهدر لأموال المراجعين الذين يأتون من مسافات بعيدة، وإن ترك الشوارع مضاءة بالكهرباء نهاراً هو هدر لأموال الدولة التي هي بالضرورة أموال الشعب. وكل هذه الأمثلة من الهدر تعد أحد وجوه الفساد الذي إذا ما استشرى في مجتمع ينخره من الداخل محققاً جزءاً من أهداف أعداء المجتمع…

أحمدذويب الأحمد

المزيد...
آخر الأخبار