أصبحت الدروس الخصوصية جزءاً أساسياً من الأجواء التي يحاول الأهل تأمينها لأبنائهم وتنتعش هذه الظاهرة التي تحولت إلى أمر واقع بشكل كبير في الامتحانات، وفي الفترة التي تسبقها حيث يزداد الطلب عليها بشكل كبير من قبل الطلاب، وبالمقابل يبدأ المدرسون برفع الأسعار فالحد الأدنى يبدأ بـ 1000 ليرة في الأرياف وللمواد المتوسطة الصعوبة، وينتهي الرقم عند 5000 ليرة للساعة الواحدة أي 60 دقيقة تماماً في المدن، وللمواد الصعبة من دون أن ننسى خبرة المدرس وقدمه وشهرته، فهذا أيضاً له دور في تحديد سعر الساعة الدرسية، أيضاً تختلف أسعار الدروس الخصوصية للفرع العلمي عن الفرع الأدبي أو الشهادة الإعدادية، أي لكل تسعيرته الخاصة .
الأهالي بين نارين
أما الأهالي فهم كمن ابتلع الموس على الحدين فهم بين نارين، نار أسعارها الكاوية التي لاترحم ولاتعرف دخلاً محدوداً أو ظروفاً معيشية قاسية، وبين رغبتهم العارمة لأن يحصل أبناؤهم تحصيلاً جيداً يمكنهم من جمع علامات تؤهلهم للدراسة في فرع جامعي يؤمن مستقبلهم.
أمر ملازم للمنهاج
تقول مها رستم: أصبحت الدروس أمراً ملازماً وداعماً للمنهاج المدرسي شئنا أم أبينا، وبات الأهل يبدؤون برحلة البحث عن مدرس كفوء منذ بداية العام الدراسي ، وتتصاعد وتيرة البحث مع اقتراب نهاية العام أي مع اقتراب الامتحانات، حيث يتركز البحث عن مدرسين لهم سمعتهم وخبرتهم وكفاءتهم في تقديم نماذج امتحانية تساعد الطلاب على اختبار قدراتهم، وكذلك على تحديد الأسئلة المهمة وخاصة للطلاب الذين لم يتمكنوا من إنهاء المنهاج، حيث تعد هذه الدروس جلسات مركزة بالنسبة للطالب.
استغلال واضح
ضحى وسوف قالت: أصبح الأهالي يدخلون الدروس الخصوصية ضمن المصروف الشهري ومنهم من يدخر لهذا الشهر، فأنا مثلاً خصصت مبلغ 100 ألف ليرة فقط لفترة الامتحانات ، كون الأسعار ترتفع بشكل كبير فيها فالاستغلال يبدو واضحاً.
ولكن مكرهاً أخاك لابطلاً، فلا خيار أمامنا فنحن نعلم أننا نستثمر في مستقبل أولادنا، هذا عدا عن المبالغ الكبيرة التي دفعتها خلال العام والتي لايمكن إحصاؤها .
المناهج ضخمة
مصطفى قال: باتت ملحة وخاصة لطلاب الشهادة الثانوية الفرع العلمي فالمناهج صعبة وضخمة، فكيف لمدرس مهما كانت مقدرته أن يقدم درساً ناجحاً في شعبة صفية يزيد عدد طلابها عن 30 طالباً كحد أدنى، أو كيف له أن يتمكن من الإجابة عن جميع التساؤلات أو الاستفسارات في وقت ضيق، وهل سيتمكن من حل مسائل من خارج المنهاج؟ بالتأكيد لا ، لذا لاخيار للأهل إلا اللجوء إلى الدروس الخصوصية، ولكن هذا لا يعني أن الفرع الأدبي لم تنتعش لديه الدروس الخصوصية لمواد اللغة الانكليزية والفلسفة والتاريخ واللغة العربية، حيث يقوم المدرس بالتسميع للطالب أو تحديد أسئلة تكون كدروس تقوية كذلك انتعشت لدى طلاب الشهادة الإعدادية ولكنها بأسعار أرخص وبشكل أقل .
عدوى
في حين قالت هيام: ابني من المتفوقين ولاحاجة له لأن يتلقى أي درس خصوصي ولكن أصبحت أراه أشبه بالمنبوذين فكيف لأقرانه أن يتلقوا دروساً ولجميع المواد وهو لا ؟ فقد أصبحت الدروس من ضرورات العصر الحالي وماكان مني إلا أن أرسلته لأخذ دروس في مادتي الرياضيات واللغة الإنكليزية أي الأمر موضة وانتشار للعدوى بين الأصدقاء والجيران .
عرض وطلب
خالد ممدوح قال: للأسف أصبح سوق الدروس الخصوصية كأي سوق تحدد الأسعار فيه بالعرض والطلب، فمن المعروف أنه في فترة الامتحانات يزداد الطلب ويصبح في الذروة وتزداد الأسعار لتتناسب مع حدة الطلب ويضيف قائلاً: للأسف تحول العلم والتعليم إلى تجارة وما يزيد الغبن في النفس أنه لاحسيب ولارقيب، فعلى الرغم من كل القرارات الصادرة والتعليمات والندوات والتعاميم بشأن الدروس وآلية ضبطها والعقوبات بحق كل من يمتهن هذه المهنة، إلاَّ أنها جميعاً باءت بالفشل لطالما أنه يوجد موجهون اختصاصيون غارقون بالدروس الخصوصية بدلاً من أن يكونوا أول الرادعين لها .
تزداد التسعيرة بالامتحانات
سها سلامة قالت: رغم كل التكاليف والأعباء المرهقة لن نجد أية أسرة تتوانى عن إرسال أولادها لمدرسين ومدرسات بغية النجاح، وتحصيل علامات جيدة،علماً أنه في الامتحانات تزداد التسعيرة ليكاد يصبح ثمن الدقيقة الواحدة بالمبلغ المرقوم، ولكن عندما يفكر الأهل بمستقبل أبنائهم يتحملون كل هذه الأعباء.
تزيد من ثقتهم بنفسهم
أما الطلاب وبعد الحديث مع العديد منهم وجدنا أن هذه الدروس وخاصة في فترة التحضير للامتحانات وأثناءها تزيد من ثقتهم بنفسهم على حد قولهم وتساعدهم على ترسيخ معلوماتهم، وتقويتهم في مواد تبدو صعبة بالنسبة لهم وخاصة تلك التي لم تعطَ حقها أثناء الحصة الدرسية وهنا لابد من الدروس وتحديداً للفرع العلمي.
لا نجده في المدارس
يقول الطالب مجد العلي: كثير من الطلاب لايستطيعون مراجعة المنهاج بالكامل وبالتالي الدروس تساعدهم على دراسة ما أغفلوا بسرعة وإتقان وعادة في الامتحان يكون البحث عن مدرسين لديهم خبرة وكفاءة ، وأيضاً الطالب يحتاج إلى حل مسائل وتمارين من خارج الكتاب وهذا لا نجده في المدارس.
2000 ليرة لساعة الرياضيات
أيضاً الطالبة يارا محمد في الصف التاسع قالت: إصرار أهلي هو مادفعني لآخذ دروساً خصوصية لست بحاجة إليها فالمنهاج واضح وسهل ولكنهم أصروا علماً أن سعر الساعة الواحدة لمادتي الرياضيات واللغة يصل إلى 2000 ليرة .
مدرّسون : حاجة للطلاب
عدد من المدرسين أكدوا لنا بأن الدروس الخصوصية هي نتيجة المخاوف العامة من الامتحانات وخاصة طلاب الثانوية الفرع العلمي بسبب ضخامة المناهج وأضافوا: إن فترة الامتحانات تسبب لهم الضغط والإرهاق كما هو الحال للطالب، وكثيراً ما يقضون اليوم بأكمله في إعطاء الدروس وإعطاء أسئلة نماذج امتحانية ومن الطبيعي أن يتقاضى المدرسون أجوراً تناسب تعبهم والجهد الذي يبذلونه وأضافوا: طلاب الفرع الأدبي والصف التاسع حاجتهم أقل بكثير من طلاب الفرع العلمي، ولكن نعطي الدروس أمام إلحاح الأهل والطلاب فهناك من يطلب منا التسميع لأبنائه وكأنهم لايرتاحون إلا إذا ذهب الطالب إلى مدرس خصوصي، أي تلقيهم ساعات خصوصية يشعر الأهل والأبناء بالطمأنينة والأمان بأنهم سيحصلون على مجموع عالٍ من دون أن ننكر أن بعضاً من المدرسين بالغ في تسعيرة الدروس واستثمر وقت الامتحانات لتحسين وضعه في ظروف معيشية قاسية إلا أنه لايجب التعميم .
ونحن نقول :
باختصار ينتعش سوقها وتعيش حالة كبيرة من الازدهار، والمدرسون ينظرون إلى فترة الامتحانات على أنها ذروة الموسم وما نوده ضبط هذه الظاهرة التي استشرت وأرهقت الأهالي .
نسرين سليمان