سئل أحد الحكماء كم صديق لك ؟ قال: (لا أدري لأن الدنيا مقبلة عليَ والناس كلهم أصدقائي وإنما أعرف ذلك إذا أدبرت عني فخير الأصدقاء من أقبل إذا أدبر الزمان عنك).
نعم خير الأصدقاء من يحترمك ويودك عندما يدبر الزمان عنك فالصداقة التي تأتي من خلال المنصب ليست بصداقة حبٍ ومودة بل هي صداقة منفعة شخصية، وهناك أمثلة كثيرة من الواقع تدل على ذلك حيث عندما يكون الإنسان في منصب أو مسؤولية يتزاحم المنافقون لتقديم الولاء له ويتغزلون بثيابه، علماً أن ذلك الإنسان صاحب المنصب كان يراه الجميع في الشارع أو المقهى وكان بالنسبةِ لهم إنساناً عادياً بعيداً عن الاهتمام وعلى الرغم من أن هذا السلوك معروف لدى جميع من تبوأ منصباً إلا أن صاحب المنصب يصدق أحياناً بأن المديح له نابع عن صدق حيث لايدري أن ذلك مراءاة ونفاقاً من أجل الكرسي ومصادرة القرارات التي تحقق المصلحة العامة، لكن سبحان الله ترى بعضهم ينتشون فرحاً عندما يسمعون الآخرين يثنون عليهم ولو من خلال صفات غير موجودة لديهم البتة فالصديق الصدوق هو من كان مع صديقه في السراء والضراء والناصح الأمين لصديقه عندما يتطلب الأمر نصحاً والحياة مشورة ولا يقطع حبل المودة مها كانت الظروف، سواء أقبل الزمان عليه أو أدبر ومثل هؤلاء الأصدقاء أصبحوا عملة صعبة ونادرين في مجتمع طحنته الحياة بمختلف صعابها ودروبها ومساربها حيث كثر فيها المنافقون والمراؤون الذين يحملون كل يوم شخصيات عدة ولا يخجلون من سلوكهم هذا لأن جلودهم تمسحت وفقدت الإحساس بالكرامة والنبل والشهامة فالمسؤول عندما يعرف كيف يختار الرجال ويثق بمن هم أقدر على تحمل المسؤولية، لايخطئ المسار الصحيح أبداً في بوصلة الحياة وخاصة عندما يكون هدف الاختيار مصلحة الوطن لا المصلحة الشخصية المسأله ليست هي بعدد الأصدقاء لأن الكرام قليل والمنافقون كثر، فالعبرة في النتائج الإيجابية لا في المقدمات التي يشوبها التضليل والانتهازية وعلى الرغم من كل الحكم والعبر والمواعظ التي استقيناها من حوادث التاريخ ودروس الماضي التليد وتجارب الحاضر مازال بعضهم لا يتعظون بها إلا عندما يتركون مناصبهم فيسقط الستار الذي كان يحجب عنهم الرؤى الصحيحة، عندها لا فائدة من سقوطه هذا لأنهم لم يعودوا يملكون قراراً يمكن توظيفه للمصلحة العامة فينفضّ أصدقاء المصلحة عنه فلن يجد من يرمي التحية عليه فهذا درس يجب أن يستفيد منه كل من يتسلم منصباً أو مسؤولية لها مساس بمصالح الناس.
أحمد ذويب الأحمد