خسائر الفلاحين بملايين الليرات معوقات زراعية في 81 جمعية و16 وحدة إرشادية في مصياف

دائماً المسألة الزراعية في المقام الأول ، وتستحوذ النصيب الأكبر من الاهتمام والدراسة والتخطيط على مختلف الأصعدة .
والسبب من ذلك معروف ولا يحتاج لاستقراء أو تفسير ، ومن هذا المنطلق ، لابد من قراءة نلتقي من خلالها مع بعض الحقائق حول تحليل الواقع الزراعي في منطقة مصياف ، الذي يتراجع عاماً بعد آخر ، وهذا التراجع في نسب الإنتاج سببه الرئيسي أصحاب الأرض واليد العاملة في هذه الأرض، بتأثير مقولة ( الأرض لم تعد تطعم خبزاً ) فشيوع هذه المقولة سبب تراخياً وفتوراً في عملية الزراعة والإقبال عليها ، وتحول معظم الناس لأعمال أخرى يعتقدون أنها أنفع لهم ويساهم كثيراً في تأكيد هذه المقولة، تكرار خسائر الفلاحين ، بسبب خسائر الإنتاج إما من عدم صلاحية المبيدات والأدوية الزراعية التي يستخدمونها أو بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي أو غياب الترشيد الزراعي وخطط التسويق وغيرها .

أين تكمن المعوقات ، وماهي هي الحلول ؟
أمور عديدة وخطيرة بآن واحد تدفعني باستمرار للحديث عن هذا الواقع المؤلم الذي نلقي الضوء عليه من خلال لقائنا مع المهندس تمام معلا رئيس دائرة زراعة مصياف ، حيث قال:
إذا نظرنا بموضوعية إلى واقع إنتاجنا الزراعي من الخضار والفواكه والأشجار المثمرة والمحاصيل الحقلية نجد أنها في تزايد مستمر رغم كل الظروف الصعبة التي نمر بها ، وفي عودة إلى بدء ، هل نقول ونسلم بأن مقولة ( الأرض لا تطعم خبزاً ) فعلت فعلها وأدت إلى هذا التراجع المفترض ، أم أن هناك أسباباً أخرى ساهمت في ذلك أيضاً ، نعتقد هنا أن الإرشاد الزراعي استطاع أن يؤدي الدور الأكبر في عملية وعي وتثقيف الفلاحين وبناء القاعدة السليمة وذلك من خلال توظيف الطاقات والإمكانات بمختلف الوسائل المتاحة من خلال توجيه المزارعين والإشراف والمتابعة المستمرة واليقظة للمواسم الزراعية أثناء وقوعها .
وتقديم النصح والمشورة ، والشواهد الحية للنتائج التي تترتب على وفرة الإنتاج ، وإجراء عمليات حسابية للفلاحين تُبيّن لهم مدى الكسب المادي والمعنوي الذي يتلقونه من خلال العناية بإنتاجه الزراعي وتطويره وبنفس الوقت عدم السماح لزراعات أخرى تحل محل الزراعات الأساسية ، ورغم عدم تجاوب الفلاحين معنا وصعوباتنا في هذا المجال ، نضع برامج متكاملة وننفذها بالتعاون مع الوحدات الإرشادية البالغ عددها /16/ وحدة إرشادية في مجال مصلحة زراعة مصياف وبالتعاون مع الرابطة الفلاحية والجمعيات الفلاحية البالغ عددها /81/ جمعية فلاحية ، ففي مجال مكافحة ذبابتي الفاكهة وثمار الزيتون عقدنا ندوات ومحاضرات لتوعية الفلاحين وإرشادهم إلى الطرق الصحيحة في مجال المكافحة حيث تم مكافحة آفة ذبابة ثمار الزيتون والتي تعد الآفة الأولى من حيث الأضرار التي تسببها لمحصول الزيتون .
أما بالنسبة للحشرات الأخرى كدودة ثمار التفاح وعتة الزيتون وفراشة ثمار العنب والبندورة والحشرة القشرية الحمراء وغيرها فإننا نوزع مصائد فرمونية استطلاعية لمراقبتها وذلك عن طريق ( مصلحة وقاية المزروعات) والوحدات الإرشادية ، حيث يجول المهندسون الزراعيون العاملون بالوحدات الإرشادية في البساتين للاطلاع على نتائج المكافحة المتكاملة ومدى الاستفادة منها وكما ذكرنا سابقاً، لإرشاد المزارعين للطرق الأجدى وبالمقابل نعقد في دائرة الزراعة العديد من الندوات الإرشادية للفلاحين والمزارعين والمهندسين تبين لهم الأهمية الاقتصادية لتنفيذ هذه المكافحة وضرورة الابتعاد عن المكافحة الكيماوية لتبقى المنتجات الزراعية خالية من الأثر المتبقي للمبيدات الحشرية .
لماذا تتكرر المشكلات ؟
مشكلة الفلاحين واحدة وإن تعددت وجوه المعاناة ، ففي جنوب منطقة مصياف ( المناطق الجنوبية الغربية من محافظة حماة) حيث تزدهر زراعة التفاحيات لتصبح أحد المصادر الرئيسية للاقتصاد في محافظة حماة بدأت المعاناة تأخذ شكلاً لا يمكن المرور عليه من دون التوقف ملياً ، ولا سيما أن المسألة أفرزت جملة من الأضرار لحقت بالمزارعين نتيجة استخدامهم لمبيدات وأدوية زراعية مجهولة المصدر وقد تكون فاسدة ما أدى إلى القضاء كلياً على موسم التفاح وسببت خسائر بمئات الملايين للفلاحين وللاقتصاد الوطني .
لجان فنية للكشف على التفاح
وفي هذا المجال يؤكد المهندس تمام معلا رئيس دائرة زراعة مصياف ، لقد وردتنا شكاوى عديدة من الجمعيات الفلاحية حول الأضرار التي لحقت بموسم التفاحيات هذا العام وقد قمنا بالكشف الميداني وتشكيل لجان فنية لدراسة الواقع حيث تبين إتلاف المحصول بالكامل والسبب هو عدم تقيد المزارعين بتوصيات ونصائح الإرشاد الزراعي وعدم اتباع الطرق العلمية الحديثة في رش المبيدات واستخدام الأدوية الزراعية على أشجارهم ، لاسيما بعد أن سيطرت في المنطقة المذكورة أجواء مناخية غير مناسبة تميزت بهطولات مطرية غزيرة ورطوبة زائدة ما أدى إلى إصابة الأشجار المثمرة بأمراض فطرية أدت إلى تلف الأزهار والثمار .
وقد قمنا بجولات ميدانية على صيدليات ومراكز توزيع الأدوية الزراعية ولم نجد أية أدوية مهربة أو مجهولة المصدر .
160 هكتاراً قمحاً
وفي مجال المحاصيل الحقلية فقد كانت المواسم لهذا العام جيدة وتميزت بإنتاجية جيدة لوحدة المساحة حيث بلغت المساحات المزروعة بالقمح المروي /85/ ألف هكتار والقمح البعل /75/ ألف هكتار .
وحتى غاية تاريخه بلغت الكميات المسلمة إلى مركز شراء وتسويق الحبوب في جب رملة / حوالى 13 ألف طن / من القمح وهي بنوعية جيدة .
حماية الفلاحين باتت ضرورية
لم نصل إلى حالة التشاؤم التي وصل إليها معظم الفلاحين والتي عبر عنها العشرات في جمعيات برشين وتين السبيل والمحروسة وجب رملة وبعرين والحكر وبشنين وغيرهم الكثير من خلال الجولة التي قمنا بها نهاية الأسبوع الماضي إضافة للتجوال في عدد كبير من الحقول الزراعية ، وخلال هذه الجولة كانت الشكوى واحدة من الفلاحين ، فالجميع أبدى تخوفه من مستقبل العمل الزراعي وقد تمحورت الشكوى بغياب الترشيد الزراعي وعدم توافر المبيدات والأدوية الزراعية المرخصة وتراجع الإنتاج الزراعي وغياب خطط التسويق وارتفاع أسعار وتكاليف مستلزمات الإنتاج الزراعي وكل هذه الأسباب أدت وتؤدي إلى عزوف المزارعين والفلاحين عن العمل الزراعي بعد الخسائر الكبيرة والضربات القاضية التي تعرضوا لها وأدت إلى خسارتهم للإنتاج والجهد والأرض .
المحرر
في العمل الزراعي لاشيء مضموناً سلفاً ، وليس هناك من عمل تحيط به المخاطر ويلفه المجهول مثلما هو الحال في العمل الزراعي ، فالظروف الجوية وانحباس الأمطار وحالة الجفاف ، كلها عوامل خارجة عن إرادة الإنسان ويمكن أن تغير المعادلة وتقلب الموازين رأساً على عقب .
نعتقد أنه آن الآوان لمعالجة قضية الأرض والفلاح والإنتاج الزراعي بكل المسؤولية وبكل الجدية والابتعاد عن الحلول المؤقتة .
توفيق زعزوع

المزيد...
آخر الأخبار