منذ سنوات كنّا نتابع بشغف بعض المسلسلات المكسيكية . وتوافق مشاهدتنا لها مع سفرنا إلى الخارج حيث لم يتسنَ لنا إتمام حلقات المسلسل بسبب ظروف العمل.
وعندما نعود في إجازة الصيف بعد تسعة أشهر نجد المسلسل المكسيكي لايزال عرضه قائماً، وأحداثه لاتزال تراوح في مكانها .. كان هذا يدعو للسخرية، فليس هناك شيء يجذب المتابع سوى الممثلة الجميلة .. وأتتنا الدراما السورية بمسلسلات تظهر البيئة الشامية فلم تترك حيّاً من أحياء دمشق القديمة إلاّ رسمته .. فكانت نسخاً مكررة عن بعضها (فمحور السيناريو يدور حول القبضايات والعكيد والفرنسيين ) وكأنّ دمشق خلت من رجال ونساء الفكر والثقافة والعلوم المختلفة واقتصرت على المختار والعكيد ورجاله والحريم اللواتي ليس لهن سوى السمع والطاعة (أمرك ابن عمي)!!
والسؤال الأهم لكاتبي السيناريوهات : أين ذهبت دمشق أقدم عاصمة مأهولة في العالم ؟ أين ذهبت دمشق التي ضمت أضخم مكتبات العالم من التراث الثقافي والعلمي والمعرفي !! دمشق التي احتضنت أشهر المستشفيات، وأول الجامعات والمعاهد العلمية والطبية والقانونية والجمعيات النسائية والمنتديات !
هل اختصرت دمشق بباب الحارة وحارة الضبع ! ولاتزال الحكايات تدور حول الأفكار المتخلفة والعفنة التي تكرس العنتريات الفارغة والزعامات الوهمية ! في الجزء العاشر من مسلسل باب الحارة , حاول المخرج أن يلقي ببعض ظلال التطور الاجتماعي لكنّ ذلك كان سطحياً !( أحدهم علّق قائلاً : أتوّقع في الأجزاء القادمة أن تظهر أم عصام بالفيزون !! ) .. والسؤال الأهم لكتّاب الدراما : أعقمت الحكايات والأحداث، أم عقم خيالكم المشوش بالتراث المتخلف ؟ وهل يشفع لكم تصوير مشاهد من مقاومة الاحتلال الفرنسي أو التركي عن الأفكار التي تروجون لها بقصد أو بغير قصد ؟
فائق موسى