التمثيل أمر فطري ..
والأطفال يعبّرون بوساطته عن مشاعرهم وأفكارهم وطموحاتهم ..
الأطفال يشبعون في التمثيل حاجتهم إلى الحركة والإيماء والتقليد .. و.. لعل المسرحية بطبيعتها مصدر متعة لهم .. سواء أكانت شعراً أم نثراً .
أم هي مزيج بينهما . لأنّ المسرحية تقتضي الحركة ، تقتضي النشاط والحيوية للقيام بهذه الأدوار ..
وهنا يمكن القول :
إن المسرحية وسيلة مجدية لتدريب ألسنة الأطفال على التعبير السليم وإجادة النطق والكلام في وضوح ودقّة ، بل هي تسهم في تنمية ثروتهم اللغوية ، تسهم في النهوض بأذواقهم الأدبية والفنية ، تسهم في الكشف عن أصحاب المواهب منهم ، بل هي من أفضل العوامل في تشجيع الأطفال على الإلقاء والتمثيل ، وإتقان التعبير الصادق الحيّ عن أنفسهم. إنّ المسرحية تعلّم فن الاستماع .. تعلّم التحكّم بالصوت ، تعلم لغة تعبيرات الوجه ، وحركات اليدين ، بالإضافة إلى أنها تقدّم علاجاً نافعاً لكثير من عيوب النطق لدى كل طفل ، بل ( أي المسرحية ) تعدّ وسيلة لتهذيب النفوس وتربية الوجدان وصقل العاطفة واكتساب المهارة في الحركة والكلام ( !! ) .
ويمكن أن نضيف إلى أنّ المسرحية تضفي كثيراً من البهجة والمرح والمتعة والسرور ، وتمنح للأطفال فرص تحمّل المسؤوليات ، بل هي تعوّدهم على مواجهة الجمهور من دون خوف أو تردد ( !! ) .
وأذكر أنني شهدت مسرحية للأطفال عن ( جحا ) فرأيت الدهشة أولاً في عيون الأطفال حين خرج إليهم ( جحا ) مخاطباً الجمهور ومحاوراً له ، ولم يمض إلاّ وقت قصير حتى كان الأطفال يشاركون الممثل ( لدور جحا ) ، إذ بدؤوا يسهمون في حواره ، وتفكيره للخروج من مآزقه التي وقع فيها !! ولم تنته المسرحية الطفلية حتى شارك كل طفل بنصيب بل إنّ بعضهم اعتلى خشبة المسرح من دون أن يدري ، وهو يقوم ببعض الأعمال والحركات ( !! ) .
كانت البداية في سورية من وزارة التربية إذ كان هناك مسرح للطفل ، بل أحدثت ( الوزارة ) مهرجاناً سنوياً للمسرح المدرسي ( كان ذلك في بداية السبعينيات ) !! من القرن الماضي ، وقد خصصت الوزارة للمسرح إمكانات مناسبة ، و .. جائزة للتأليف المسرحي !! ثم بعد إحداث ( منظمة الطلائع ) صار هناك مسرح مدرسي فني يشمل أنواع الفنون المسرحية الطفلية ( مسرح الكبار للصغار أو مسرح الصغار للصغار ) !! .
أما وزارة الثقافة فقد كان مسرح درامي للطفل ، قوامه فرقة دائمة ومتفرّغة ، لكنّ هذه التجربة لم تعمّم على محافظات القطر !! فكانت دمشق وحدها التي تشهد غالبية هذه المسرحيات ( !! ) .
ظهرت نصوص مسرحية عديدة على أيدي الكتّاب الذين يتوجّهون إلى المسرح الطفلي يمكن أن أذكر بعضها هنا :
ــ ملك الغابة ( لعادل أبو شنب 1975 )
ــ اغنية المعول ( لنصر الدين البحرة 1978 )
ــ ممتاز يابطل ( لأكرم شريم 1981 )
ــ الصندوق الأخضر ( لفرحان بلبل )
ــ حارسو الغابة ( لعدنان جودة )
ــ علاء الدين والمصباح السحري .. وجحا .. إلخ ..
ويمكن القول بعامة :
على الأعمّ الأغلب لدينا نقص في النصوص ، بل نحن نفتقر ايضاً إلى الكاتب المسرحي المتخصّص بالكتابة للأطفال ، ونقتقر ثانياً إلى الفرقة الدائمة التي تعنى بتقديم نصوص تخصّ الصغار ، ( ربما كانت هناك فرقة جديدة في حماة على يديّ المسرحي الصاعد الواعد الفنان المتألق محمد تلاوي ) لكننا بحاجة إلى المسرح الشامل الذي يضم جميع الكوادر من ( مخرج ومصمم ديكور وأزياء ومؤلف موسيقى .. ) نطلق عليه مسرح الأطفال ( !! ) .
النيات سليمة ، والتوجهّات الناهضة صادقة في أن يكون لنا مسرح للأطفال مع التفاؤل والأمل في تحقيق المستوى اللائق للنصوص الإبداعية ( تأليفاً وإخراجاً ) والأطفال هم .. المستقبل !
نزار نجار