لاشك أن مديرية الصحة تبذل جهوداً غير قليلة من أجل الحد من حالات الليشمانيا إلا أن دورها ـ رغم فعاليته وأهميته ـ يظل قاصراً ومقصراً مالم تؤازرها جهود جهات أخرى مثل مجالس المدن والبيئة والزراعة.. وبالمجمل فإننا بالتأكيد لن نضيف جديداً إذا قلنا أن العلاج العملي هو الإصحاح البيئي.
وإذا افترضنا جدلاً أن كل الجهات تقوم بأداء واجبها على خير مايُرام فعن أي إصحاح بيئي نتحدث في ظل حرب همجية على الكثير من القرى والمدن عدا عن عجز بلدياتها هذه عن القيام بأي دور تجاه ذلك.
وفي لقاء مع الدكتور باسل الابراهيم رئيس المنطقة الصحية الثانية أكد أن عدد الإصابات خلال هذا العام أقل بقليل من مثيلاتها في العام الماضي ويؤكد أن الرقم ثبت خلال السنوات القليلة الماضية بعد ارتفاع ورغم أن الابراهيم تجنب بداية الخوض في موضوع الأرقام لكنه عاد ليشير إلى أن عدد الإصابات في المحافظة يبلغ /11/ ألف إصابة من إجمالي القاطنين بها وهذا يشمل الوافدين.. مقارنة بحوالى 3ـ4 آلاف إصابة خلال سنوات 2005 وما قبل.
وأضاف الإبراهيم: هناك مؤثرات كثيرة ساهمت بزيادة عدد الإصابات أهمها الازدحام ومفرزات الأزمة كالنزوح و تدني الخدمات وعدم وجود كهرباء والافتقار إلى لوازم الوقاية كالشبك المعدني للنوافذ والناموسيات .
أما المؤثر الإيجابي كما يؤكد هو تكون وعي لدى المواطن حول الليشمانيا وهذا الوعي ـ للأسف ـ جاء نتيجة زيادة وانتشار حالات الإصابة والمؤثر الإيجابي الآخر هو جهود والمركز بالتقصي عن الإصابات وتشكيل فرق التثقيف الصحي والتعريف بالمرض وطرق الوقاية وأسلوب العلاج, والجولات على التجمعات الكبيرة والمدارس ومراكز الإيواء بهدف الكشف المبكر عن الإصابات والإحالة للعلاج السريع مايساعد على سرعة الشفاء وكسر حلقة سراية المرض.
ويقول الدكتور رئيس المنطقة الصحية الثانية أن مرض الليشمانيا يصيب الفقراء وهذا أدى لعدم قيام شركات الأدوية بتطوير الأدوية فالمستعمل حالياً منها معتمد منذ 50 سنة ولم يتم تطويره..
ويلجأ كثيرون ـ والكلام للمحرر للعلاج الشعبي للايشمانيا وتبدو هذه المعالجات ناجحة إذ تقضي على الآفة بطرق متنوعة / ماء الجوز ـ بتكوتين ../ إلا أن الدكتور الابراهيم أكد أن العلاج بهذه الطريقة يخلف ندبة بلا شك ويمكن أيضاً ان يبقى ضرر الآفة الطفيلي / حياً ويعود للظهور ـ وهذا ممكن عند العلاج الطبي أيضاً ـ إلا أن هذا الثاني لايخلف ندبة كما أن العلاج بشكل عام هدفه التخلص من التشوه الممكن حدوثه بسبب الآفة وكذلك بسبب العلاج الخاطئ إضافة إلى هدف التخلص من الآفة بحد ذاتها.
ويؤكد الدكتور أحمد المشعان رئيس قسم القلبية المنطقة الصحية الثانية أن العلاج الشعبي لاينجح بالحقيقة ولكن الحالات القلبية التي تنجح تأخذ ضجة كبيرة / أما ما لايشفى فلا يسلط الضوء عليه وهناك حالات الليشمانيا تشفى تلقائياً علينا أن نعرف أن الحموض تقضي على الآفة بإدخالها إلى داخل هذه الآفة.. أما بالعلاج الشعبي فنحن نحفر الجلد.
وحول من يحتاج الحقن العضلي قال إنهم نسبة قليلة من المرضى وهم يحتاجون إجراء تحاليل مخبرية واستشارة قلبية لتفادي مخاطر الحقن العضلي ويتم ذلك في مركز حي النصر حيث يتوافر مخبر للتحليل الطبي وجهاز تخطيط قلب كهربائي وعيادة عامة حيث تُجرى التحاليل ويُعاد المريض إلى مركز الليشمانيا لإعطائه العلاج العضلي بإشراف طبي مباشر.
وقال د. الابراهيم إن المرض يمكن وصفه بالعتيد فأي إصابة تحتاج إلى 6ـ 8 جلسات وكلما تأخر الكشف عن الإصابة تأخر العلاج.
أما الدكتور مشعان فقد تحدث خلال وجودنا عن إهمال بعض المرضى للإصابة رغم حاجتهم للحقن العضلي ورغم أن بعض هؤلاء المرضى من فئة المتعلمين.
وقال الابراهيم إن أهم بؤر الانتشار خلال عامي 2018 ـ و2019 هي صوران وطيبة الإمام ومعردس وحر بنفسه كون المواطنين عادوا إلى بيوت مدمرة أو مهجورة أو متضررة على الأقل ورغم عدم وجود إحصائية لكن لحظ ارتفاع كبيرة بحالات الإصابة.
ويبدو أن التخلص من الليشمانيا غير ممكن في الوقت القريب على الأقل.. ويبقى أن نسأل إذا كانت (الصحة) تجهد في محاولة التخلص من المرض فمن هو المسؤول الشخص مهمل لايعالج أو انه يمتلك ناموسية ولايستعملها ـ مجالس مدن لاترحل القمامة والأنقاض ـ صرف صحي مكشوف ـ مديرية بيئة ـ حرب مدمرة ..
أم إن كل هؤلاء بريئون والمذنب الوحيد هذا الكائن الصغير المسمى ذبابة الرمل.
أحمد عبد العزيز الحمدو
المزيد...