أخرجته التصدعات عن الخدمة المبنــى الغــربي للثانــويــة الـــزراعية فــي ســلمية بحــاجــة إلــى تـــرميم
الثانوية الزراعية في سلمية الأقدم في المنطقة ويعود إنشاؤها إلى العام ١٩٠٨ وبدئ التدريس فيها بعام ١٩١٠ وتقع في القسم الغربي من المدينة على مساحة ٦٠٠ دونم.
وأحدث فيها لاحقاً صف لدار المعلمين الريفية التابعة لوزارة المعارف ثم تحولت إلى محطة تابعة لمصلحة تربية الخيول العربية .واستمرت حتى عام ١٩٤٣ليعاد افتتاحها كمدرسة عملية مدة الدراسة فيها سنتان .وفي عام ١٩٤٧ أصبحت مدرسة متوسطة زراعية وتخرجت فيها أول دفعة تحمل الشهادة الإعدادية الزراعية عام ١٩٥٠وفي عام ١٩٥٩ تحولت إلى ثانوية زراعية بموجب القرار ١٦١، ثم تم استكمال تشييد البناء الجديد عام ١٩٧١ ويضم طابقين الأول يضم غرف مدرسين ومعيدين وصفوف تدريسية والثاني يضم ثماني غرف صفية ومخبر صناعة غذائية، وهما بمجموعهما ١٦ غرفة صفية موزعة بالتساوي على صفوف الأول والثاني والثالث الثانوي .
كما لدى الثانوية مخابر للألبان والصناعات الغذائية وكذلك للحيوان والنبات وآخر للكيمياء والفيزياء .ويذكر أن الثانوية يعود لها الفضل في تخريج أفضل الكوادر الزراعية المتميزة ليس على مستوى المحافظة والقطر وحسب، بل على مستوى الوطن العربي لاسيما فلسطين ولبنان والأردن والعراق وغيرها كالسودان وجزر القمر.
صرح حضاري
الثانوية الزراعية تعد صرحاً حضارياً وتعليمياً وثقافياً جباراً إذ تخرج فيه المئات من الطلاب والشخصيات الهامة التي كان لها دور فعال وبارز في المجتمع والسوق الاقتصادي والسياسة وكل المجالات .في الوقت الذي كان فيه الشرق العربي غارقاً في غياهب الجهل والتخلف .
غيرة علمية
حيث كان لدى أهالي المنطقة غيرة حقيقية على العلم رغم عدم وجود المدارس حينها .والاعتماد على الكتاتيب ودور العبادة لتلقي العلم، وكان مجتمع سلمية منذ الأزل مجتمعاً زراعياً بالمرتبة الأولى .ومع ذلك حرص الناس على ضرورة إحداث مدرسة تعليمية كمشروع تعليمي وثقافي يفيد أبناء المنطقة والمناطق المجاورة.
ماذا حدث اليوم لهذا الصرح التاريخي ؟
بعد مرور مايقارب المئة عام ونتيجة الأزمة التي تمر بالبلاد تعرض القسم الغربي للمدرسة الثانوية لأضرار بسبب التفجيرات الحاصلة .الأمر الذي أدى لإصابته بتصدعات وشقوق بالغة في البناء ما أدى لخروج المبنى الأثري عن الخدمة .وكون المدرسة تتمتع بخصوصية فريدة لأبناء المنطقة فإنه من الضروري الحفاظ على قيمتها الحضارية وإعادة ضخ الدماء إليها من جديد من خلال إعادة ترميمها وتأهيلها .
الأهالي يناشدون
ولهذا فإن أهالي البلد الغيورين على مصلحة المدرسة يطلقون في كل مناسبة صرختهم راجين من جميع الفعاليات الحكومية، والأهلية والثقافية والدينية في البلد التعاون معهم من أجل استعادة الثانوية الزراعية وحمايتها من السقوط والزوال ولاستكمال دورها التعليمي والثقافي من جديد مع المحاولة الدؤوبة في إيصال أصوات جميع محبي المدرسة إلى كل الجهات لترميم هذه الأبنية وإعادة ألقها من جديد .
مدير الثانوية الزراعية هيثم مقداد أكد أنه ومنذ عام 2016 قامت لجنة من وزارة الزراعة بالكشف على مبنى الثانوية بناء على طلبنا نتيجة تعرض المبنى لتصدعات وتسرب الأمطار إلى داخل المبنى جراء التفجيرات والأعمال الإرهابية، وبناء على الكتاب الذي أعددناه حضرت لجنة مختصة من وزارة الزراعة ومديرية زراعة حماة /دائرة المباني/ وطلبت على إثرها إخلاء المبنى الذي يشغل حالياً المركز الوطني لتطوير المناهج وأصول التدريس، نظراً للضرر الحاصل في الأسقف والجدران والأرضيات والذي بات يشكل خطورة بالغة على شاغلي المبنى .
تراجع دائم بالمبنى
فالمبنى حسب تقدير اللجنة يعاني من حالة تراجع دائم ولابد من إعادة تأهيله وترميمه كونه ذا مكانة تاريخية وعلمية كبيرة .ومن هنا تشكلت لجنة من مديرية الآثار والخدمات الفنية ومديرية الزراعة والمجلس الوطني
ـ القسم الهندسي ـ بناء على طلب المحافظة وجامعة البعث كلية الهندسة المعمارية برئاسة عميد الكلية الدكتور جميل حزوري .وتم إعداد دراسة إسعافية تهدف للحفاظ على المبنى، أي دراسة مؤقتة وليست بغرض الترميم والتأهيل وذلك لمنع تدهورها.
وجهات كثيرة زارت المبنى وأبدت تعاطفها، ولكن لم تقم بأية مبادرة حقيقية لإنقاذه.
التأخر في المراسلات أضاع الفرصة
المهندس عبد الرحمن الدعاس قال :زارت جهات عديدة مبنى الثانوية الزراعية وأكدت أهمية وضعها ضمن خطة خاصة لإعادة تأهيلها وإعادتها إلى الخدمة ومنها شبكة الآغا خان وصندوق الأمم المتحدة للتنمية undp.حيث حضر ممثلها في محافظة حماة ولاحظ بعد زيارته مدى ضرورة العمل على ترميم المدرسة ووافق على إدراجها ضمن خطة عمل المنظمة، شريطة أن تكون الدراسة باللغتين العربية والإنكليزية وعن طريق مكتب هندسي معتمد وتم إجراء الدراسة بعد موافقة وزارة الزراعة وتكليف جامعة حماة قسم الدراسات الهندسية بإجراء الدراسة الكاملة المتضمنة عمليات الترميم والتأهيل، وتم صرف مبلغ ٢مليون ل.س كأجور دراسة من وزارة الزراعة لصالح الجامعة .وبلغت التكلفة الأولية بحدود ١٠٠مليون ل.س .ولكن كان ثمة مشكلة اعترضت استكمال المشروع حيث إن المبلغ كبير والظروف المرتبطة بالمراسلات جعلت الدراسة تتأخر في الوصول إلى المنظمة فلم تستطع المنظمة حينها استكمال الترميم لانتهاء السنة المالية لديها، ما أدى إلى خروج المدرسة عن الخدمة منذ عامين إلى الآن.
رهن وزارة الزراعة
ويتابع المهندس الدعاس: إن الموضوع الآن مرهون بقرار من وزارة الزراعة حيث إن كامل الدراسة موضوعة بيد الوزارة وهي الجهة الوحيدة التي بإمكانها التصرف في وضع الثانوية عن طريق تخصيص ميزانية خاصة لأعمال الترميم أي إن المبنى حالياً بانتظار الجهة التي تتبنى إعادة تأهيله .
وأخيراً :
إن الثانوية الزراعية لايجب عدّها كبقية الثانويات الموجودة في القطر بل إن طابعها الأثري والحضاري والتعليمي يجعل من الضرورة بمكان النظر إليها بعين الاهتمام، والإسراع بترميمها وإعادة مجدها السابق لتبقى منارة كما كانت، فالمدرسة التي مر على تأسيسها أكثر من ١٠٨ أعوام ليس من المنصف تركها تنهار ونحن نقف مكتوفي الأيدي مكتفين بالفرجة من دون أية مبادرة حقيقية لإنقاذها .
سلاف علي زهرة