افتتاح معرض دمشق الدولي في هذه الأيام بدورته الواحدة والستين ، هو حدث عظيم ، لأنه توقف سنوات بسبب المحنة المؤلمة والمؤامرة الكونية الكبرى التي تعرضت لها سورية منذ العام 2011 وقد أعاد هذا الحدث الفرح للنفوس وزرع فيها التفاؤل بقرب انتهاء تلك المحنة ليعود الأمن والسكينة والسلام إلى ربوع بلدنا من جديد .
إن معرض دمشق الدولي رمز من رموز سورية وسمة بارزة لعاصمة العروبة والثقافة والمقاومة وأذكر أنني مذ كنت صغيراً كنت أسافر مع أهلي وقت افتتاح المعرض إلى دمشق لنشهد تلك الظاهرة الجميلة ، فنطوف في أجنحته جناحاً جناحاً لنطلع على ما تعرضه الشركات والدول الصديقة من منتجاتها ، فنقضي أياماً ثم نعود إلى حماة سعداء بما شاهدناه في هذه المرحلة الجميلة وهذا شأن معظم الناس – يشدون الرحال إلى دمشق من القرى والمدن السورية ليشاهدوا الجديد في معرضها الجميل.
قال لي صديقي: في العام الماضي شهدت افتتاح المعرض، فلم أكُ أتوقع هذا الإقبال الكبير – فالطريق المؤدية إلى مدينة المعارض ضاقت بالسيارات وعدد الزوار فاق الثلاثمئة ألف زائر في اليوم الأول ، ورجال الأعمال السوريون الذين كانوا قد أعدوا أنفسهم للمشاركة في معرض القاهرة حملوا كل أشيائهم ومنتجاتهم ليشاركوا في معرض دمشق حين سمعوا بخبر افتتاحه لأن محبة الوطن عندهم فوق أي شيء آخر – وعيون السوريين مشدودة إليه وهم في أي بلد من بلدان العالم دفعتهم الظروف القاسية للذهاب إليه .
قلت لهذا الصديق: وبالتأكيد سيكون المعرض هذا العام أفضل من سابقه بحب أبناء الوطن لوطنهم وحرصهم الشديد على أن يكون سليماً معافى ومزدهراً غاية الازدهار ، فشعبنا شعب أصيل عرف بأصالته منذ الأزل ، ولابد أن يعود المهاجرون واللاجئون إلى وطننا الحبيب ليسهموا في إعماره وإعادة بنائه ، والوطن لا يبنى إلا بسواعد أبنائه الذين أدهشوا العالم بمهاراتهم وذكائهم وإخلاصهم بالعمل وإنني أقول لهم ما قاله الشاعر:
عودوا إلى تلك القرى فعلى
بسماتها يتمزق الحزن
أجل عودوا إلى وطنكم العظيم الذي يقوى بكم وبسواعدكم ، عودوا لتكون سورية أقوى مما كانت عليه قبل (مؤامرة الربيع العربي) واننا واثقون بأنها ستكون كطائر الفينيق الذي يخرج حياً من تحت الرماد محلقاً بجناحيه القويين في أعالي السماء ، وهذا ليس من المبالغة في شيء ، فدمشق أم ولا تموت ، ودمشق أضاءت الدنيا وكانت القوة العظيمة والحضارة العربية الشامخة التي بنت حضارات عديدة ، وما أجمل قول الشاعر حين قال :
لولا دمشق لما كانت طليطلة
ولا زهت ببني العباس بغدان
د. موفق السراج