رغم أن الدولار أو الأخضر الطيار كما يسميه العامة ، نزل خلال الأيام القليلة الماضية قرابة 90 ليرة من برجه العاجي ، لم تنزل أسعار المواد الغذائية التي ارتفعت بارتفاعه حتى الساعة ، بل ظلت محلقة كما هي العادة رافضةً النزول من تلقاء ذاتها ، والاستجابة لقانون التأثير والتأثر بسعر الصرف ، كما هو شائع في الأسواق العالمية ، التي غالباً ما تهبط فيها أسعار السلع والخدمات إذا ما هبط سعر صرف الدولار قياساً لعملاتها الوطنية .
وهو ما يؤكد بل ما يرسخ حقيقة طمع بعض التجار، الذين يتحكمون بحركة تدفق المواد الغذائية وغير الغذائية وانسيابها بالأسواق ، وبأسعارها وأرباحها الفاحشة التي لا يتخلون عنها ، أو بالأحرى عن جزء منها ، رغم هبوط سعر صرف الدولار، ورغم علمهم أن موادهم المستوردة هي قديمة الاستيراد ، وبموجب إجازات استيراد ليست ابنة ساعتها ، ولم تُحسب لهم أو عليهم وفق سعر الدولار بالسوق السوداء وخلال أيام فورته !.
فهم يسعِّرون موادهم مع الدولار بطلوعه ويرفضون تخفيضها بنزوله ، ليظلوا محافظين على مكاسبهم الربحية ، حتى لو كان ذلك يسبب معاناةً شديدة للمواطن الذي أمُلَ – ويأمل – بانفراجات مادية ، كلما انحدر الدولار ، بعدما هيَّأته الجهات الرسمية نفسياً لذلك ، من خلال منصاتها الإعلامية التي اجتهدت بالآونة الأخيرة في هذا المجال ، كي تبرهن له أنها قادرة على ضبط التلاعب بسعر صرف الأخضر الطيّار، ووضع حدٍّ للمضاربين به وبالعملة الوطنية عندما تقرر ذلك ، لتعيد إليه ثقته بها ، التي حاولت جهات مؤذية النيل منها ومنهما ، أي من تلك الجهات الرسمية ومن المواطن أيضاً . وباعتقادنا ، لدوريات حماية المستهلك دورٌ كبيرٌ اليوم ، في إلزام التجار الكبار قبل الصغار، بتخفيض أسعار موادهم التي رفعوا أسعارها منذ بداية الشهر الجاري تحديداً من دون أي وجه حق ، فهي استيراد قديم ومخزنة بمستودعاتهم ، ولم يستوردوا جديدة بأسعار عالية ، كون دورة رأسمالهم – خلال هبوب الدولار – كانت قصيرة وقيمة كتلته النقدية السوقية لم تتأثر ، فهم لم يبيعوا بالرخيص ليشتروا بالغالي !.
وبالتأكيد ، لنا كمواطنين دورٌ مهمٌ بل لا يقلُّ أهميةً عن دور حماية المستهلك، في إرغام بعض التجار على خفض أسعار موادهم ، وذلك بالشكوى عليهم إذا ما رفضوا التخفيض ، لتتخذ التجارة الداخلية الإجراءات القانونية بحقهم . فالسكوت عليهم بحجة ( حرام ) أو ( خطي) أو ( خليها تجي من غيري ) يشجعهم على التمادي
باستنزافنا وملء كروشهم وخزائنهم من رقبتنا وقوتنا.
محمد أحمد خبازي