يعتقد البعض أن مهمة مكافحة الفساد هي مسؤولية الأجهزة الحكومية والرقابية المختلفة فقط ، متجاهلين دور المواطن النواة الأهم في هذه العملية انطلاقاً من المسؤولية الوطنية لكل فرد بالمجتمع ، وإن مكافحة الفساد واجب وضرورة للحفاظ على الأموال والحقوق والممتلكات العامة والخاصة وتحسين مستوى المعيشة من خلال حسن استخدام الموارد المتاحة وزيادة الإنتاج والدخل الوطني .
إن المواطن يتأذى من الفساد بشكل مباشر من خلال تعدي الآخرين على حقوقه أو نقص بالخدمات العامة التي تقدم له من الدوائر الرسمية وتجاهل احتياجاته وحقوقه ويتأذى من الفساد بشكل غير مباشر من خلال تجاهله للتعديات التي تقع على الممتلكات العامة من حراج و آثار أو أملاك دولة وبلدية وسواها ، لأن الحراج مثلاً تؤثر على الهواء والأمطار وتشكل متنفساً له ولعائلته وكذلك التعديات التي تطال الأموال العامة فهي تؤثر على موارد الخزينة العامة ، وبالتالي على الناتج الإجمالي المحلي .
واللافت هو نشوء ثقافة مفرداتها تتكون من ( ما دخلنا ، أو حرام ، أو مو مؤثرة علينا ، وخليها تجي من غيرنا ، أ و ما بدي اختلف أنا وجاري ، وإن الدفع هو الطريق لفك العقد والحصول على الحقوق وغيرها ) .
وقد تنامت هذه الظاهرة خلال سنوات الأزمة مع استغلال بعضهم لحاجيات الناس المتزايدة والضرورية ونقص الإمكانات والفرص المتاحة في الحصول على الوظائف مثلاً أو على المحروقات والمعونات وغيرها واستعدادهم للدفع ( الرشوة ) مقابل تلبية طلباتهم .
إن دور المواطن هام جداً إلى جانب الجهات المعنية في عملية مكافحة الفساد عبر التقيد بالقوانين وقوننة الشكاوى التي يقدمها إذ إن أغلب المواطنين يكتفون بالشكاوى الشفهية ولا يوثقون ذلك خطياً وتسجيلها في دواوين الجهات العامة لحفظ حقوقهم وضمان معالجتها حتى لا يكون مصيرها الإهمال ، وكذلك عدم دفع رشوة تحت أية ذريعة إذ إنه لا يوجد راشي بدون مرتشي ، وعند عدم استجابة الجهة المعنية للشكوى لابد من الشكوى للجهة الأعلى من شأن ذلك أن يقلل من عمليات الفساد ويحاصر الفاسدين إلى جانب ما تقوم به الجهات الرقابية من فتح ملفات الفساد .
* عبد اللطيف يونس