شعر : المَجَازُ

 
قَلَقٌ يُصلّي الوَجْدَ في أعصابِهِ واللّيلُ مُتّكِئٌ على أوصابِهِ * والسّهْدُ ضَرَّجَ مُقلتيهِ مِنَ الأسى وكَأنَّ كُ ماحْلَ اللّيلِ قَد أوصى بِهِ * يأتي المَجازُ، مُخَضَّبًا بِحنينِهِ مِنْ شُرْفَةِ التّأويلِ لا مِنْ بابِهِ * كالبُلبُلِ الغِرّيدِ يَحمِلُ حِنطَةً مِنْ شَوقِهِ ليَحلَّ في أصحابِهِ * وَيجيء مُعتَمِرًا بَراءَةَ لَحنِهِ لِيَقولَ للنّاياتِ عَن أسبابِهِ * يَختارُ حِضْنَ قَصيدةٍ مَنْسِيَّةٍ يَغفو بها مُتَدَثِّرًا بِعذابِهِ * هُوَ مِن بهاءِ الحُسنِ أوّلُ وَارِدٍ ولَعَلَّهُ قد كانَ مِن طُلابِهِ * فإذا الجَمالُ افْتَرَّ في ثَغْرِ الهوى ما خَطْبُهُ؟ يَحتارُ في إعرابِهِ * شَاخَتْ بِهِ كُلُّ الظّنونِ وَضَمَّخَتْ سَنواتُهُ الآتي بِدَمعِ شَبابِهِ * في مَهْمَهِ الذّكرى يُلاحِقُ فِكرةً يَجري كما الظّمآنُ خَلفَ سَرابِهِ * نادى ولا حَرفُ النّداءِ يُغيثُهُ واسْتَهْجَنَتْ فَحْواهُ كَافُ خِطابِهِ * يَتَسَوَّلُ المَعنى بِبابِ حَبيبَةٍ في حينِ غابَ الحُبُّ عَن أبوابِهِ * يَتَذَوَّقُ الحِرمانَ مِن شَفَةِ النّوى فَيَجودُ ثَغْرُ فِراقِهِ برُضابِهِ * ذاكَ المَجازُ أنا، وحَرفي حِنطَتي والقَمحُ لن يَنسى رَحيقَ تُرابِهِ * وَلَهي تَرانيمٌ بِثَغرِ يَمامَةٍ غَنَّتْ لِوَجْهِ الصّبحِ وَقْتَ إيابِهِ * وَجَعي تَمَثَّلَ في السّطورِ كَراهِبٍ صَلّى عليهِ الحُزنُ في مِحْرابِهِ * وأتيتُ أذرفُ (دَمعتينِ وبَسْمَةً) وكأنّني (جبرانُ) خلفَ كِتابِهِ * مَهْما ابتَعَدْتُ عنِ الحَقودِ فَراسِخًا يَسعى إلى نَجوايَ صَوتُ غُرابِهِ * أنا مُتْقِنٌ صَوتَ الرّبيعِ بِنَغْمَةٍ عُذرِيّةٍ، كاللّحنِ مِن زِريابِهِ * إنْ غِبْتُ يَشتاقُ الأريجُ مَلامِحي لا كالسَّرابِ، حُضُورُهُ كَغِيابِهِ
  أنس الحجّار
المزيد...
آخر الأخبار