مجتمع التقليد الأعمى في التجميل مبالغة كاذبة و نتائج أسوء

 تطورت فكرة مادتي هذه على مرحلتين ، الأولى : حيث كنت في زيارة شخص يتعامل بمواد التجميل فائقة الثمن ، عندما دخلت سيدة و لفتت نظرها علبة مكياج مميزة ، فأحبت شراءها ، ليعتذر الرجل و يقول لها : إنها توصية ” لفلانة ” و دفعت ثمنها ( 350 ) ألف ليرة سورية !! فأجابته : خذ ( 400 ) و احضر لي مثلها !! أما المرحلة الأخرى : كانت عندما شاهدت خبرا معادا في التلفاز يشير إلى ” المرأة القطة ” ، و هي زوجة أحد الأثرياء الغربيين ، التي انفقت ثروة طائلة لتصبح شبيهة القطط ! لأن زوجها يحب هذه الحيوانات ! فهل تستطيعون أنتم فعل ذلك ؟. الاعلام هو الأخطر … دفعت وسائل باختصاصاتها كافة ، لترسيخ الشكل الغربي الافتراضي للمرأة فائقة الجمال ، بالقوام الممشوق ، و الشعر الأشقر ، و العيون ذات اللون الأزرق ، لمداعبة خيال ضعفاء الشخصية من الجنسين ، المرأة و الرجل على حد سواء ، للدخول كخطوة أولى في متاهة لا خير فيها و لا صدق ، و نتائجها كارثية على أقل تقدير . من الحالات تشير لبنى كرم اختصاصية التغذية لحالات قاسية دخلت فيها بعض الذوات من جراء التقليد الأعمى ، فمنهم من أصابوا بفقر الدم بسبب تطبيق حميات غذائية قاسية غير مدروسة للوصل إلى أوزان لا تمت إلى الحقيقة بصلة ، و منهم من ترهلت أجسادهن لدرجة تصعب اصلاحها ، و أقسى تلك الحالات بعض النساء التي رفضن الحمل و الإنجاب للحافظ على صور داهمت خيالهم المغرور ، و أكملت كرم : بأن مبالغ باهظة تم دفعها للوصول إلى الصورة الغربية المفترضة ، و بعض هذه المبالغ كانت على حساب تكاليف المعيشة و ربما تأمين مستقبل العائلة . جولة و غش و عند القيام بجولة في الأسواق المحلية أو العالمية من خلال شبكة الانترنيت ، نلمس توافر دعايات الترويج لكل ما يخص أدوات و أساليب ” محاولة التجمل ” ، مدعومة بالعلم الكاذب من خلال عبارات تسويقية : قال الخبير فلان ، اعتمدت الشركة فلانة ، المنتج يساعد على تنشيط الأيض و المحافظة على التوازن الجسماني ، هذا المنتج متفق عليه ، و ما إلى ذلك من محاولات إطلاق العنان للخيال الجامع للعبور إلى اللامعقول ، و في النهاية أكتشف الكثيرون أن تلك المنتجات ضارة و مهددة للصحة ، مع العلم أن الأسعار تتجاوز الخيال . الأثار النفسية و الاجتماعية يقول جمال المحمود ، طالب في كلية التربية : بالتأكيد اللهاث وراء ما هو افتراضي و خاصة فيما يتعلق بالشكل الخارجي لأنه بطاقة التعارف الأولى بين الناس ، يشكل هاجسا ذا تأثيرات صعبة عند الفشل ، و ناسين بأن تجارة الجمال لا تقف عند حد معين ، و ما يصلون إليه الآن سيتغير بسرعة ، هنا تكون الأثار النفسية و الاجتماعية مضاعفة التأثير السلبي ، و هناك زيجات تهدمت بسبب هذا الإغواء .. و للأسف كل الساعين وراء الجمال الخارجي يهملون جمال الروح و هو الباقي و غيره زائل . المحرر يجب على المرأة الفطنة أن تدرك أن شركات التجميل بمساعدة الاعلام المخصص لها ، تتلاعب بالخيال ، و تتجار بالجسد ، من خلال استغلال الفطرة ، بالتالي آخر همها أن تكون المنتجات مفيدة ، ليبقى الجمال الحقيقي يتمثل بطيب العلاقات و صدق التعامل و حلاوة الروح ، و يجب ألا ننسى أمرين هامين جدا جدا ، الأول أن الجمال الداخلي ينعكس على الشكل الخارجي و يظهر الجمال الحقيقي ، و الأمر الآخر : يبقى الجمال أمرا ( نسبيا ) فما هو جميل بالنسبة لك ، سيكون عاديا بالنسبة لغيرك .

شريف اليازجي

المزيد...
آخر الأخبار