انطلق مثلنا اليوم عن قصة جحا و ابنه ، حيث قال الابن لأبيه ذات مرة : يا أبتي أني تمكنت من إرضاء الناس جميعهم ، فقال له جحا : لا يمكنك ذلك ، لاختلاف الناس في مشاربهم و أخلاقهم و نزعاتهم و اهوائهم ، و لاستحالة اجتماع رأيهم على شخص واحد كائنا من كان ، إلا أن الابن أصّر ، مهما حاول جحا إقناعه ، فأراد جحا أن يفهمه ذلك عملياً ، فجر جحا حماره و ركب عليه ، و جعل الابن يسير خلفه ، و عندما صادف جماعة تجلس أمام دكان ، نظروا إليه و قالوا : انظروا إلى هذا الأب قاسي القلب ، يركب حماره و يترك فلذة كبده يسير تعبا ، فنزل جحا عن حماره و صعد الابن ، فما أن مروا بثلة أخرى قالوا : أترون هذا الصبي قليل الأدب ، هو يركب و أبوه يسير خلفه ، هنا نزل الأب و الأبن و ساروا جنبا مع دابتهم ، فقالت مجموعة أخرى و هي تضحك : هذان أهبلان ، يمشيان و لا يركبان ، بعدها ركب الأب و ابنه ، و تقصدوا أن يراهم بعض الرجال الذين قالوا غضبا : إنهما قاسيا القلب ، فكلاهما فوق الحمار العجوز ، هنا تقدم جحا بسرعة و أراد أن يلقي بحماره في النهر ، فصرخ فيه الجميع و شتموه شتما كبيرا ، و وصفوه بقساوة القلب ، بعد الانتهاء من هذه الجولة ، عاد جحا و ابنه للبيت و سأل الأب : ما رأيك فيما رأيت ، فأجاب الصبي : معك حق يا أبي فعلا موكل أصابيعك سوا ، و لا يمكن إرضاء الجميع .
شريف اليازجي