لو كان أمر حياتنا المعيشية يقتصر على النباتات الورقية والبطاطا والكوسا وبعض الخضروات ، لكنَّا هللنا فرحاً وصفّقنا لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لساعات متواصلة من دون كلل أو ملل ، فقد نجحت بتخفيض أسعار بعضها كما يتوهم بعضنا ، بينما ظلّت أسعار مواد غذائية أساسية أخرى مرتفعة ، ولا نستطيع كمواطنين شراءها أو الدنو منها. وكي لا نتهم بالمبالغة يمكن لأي راغبٍ ، أن يجول في الأسواق ويسأل أصحاب المحال المفتوحة عن أسعار الزيوت والسمون النباتية ، والثوم والليمون وكيس المنظفات وزن 2 كغ الذي أمسى بـ 2700 ليرة، وعن سعر كيلو الفروج المنظف أو لحم الغنم ، وعن سعر كيلو البرغل الخشن والرز المصري . فعندها يدرك أن الأسعار وقدرة المواطن الشرائية بوادٍ وإجراءات التجارة الداخلية بوادٍ آخر !. وأن انخفاض أسعار بعض النباتات الورقية والخضروات يعود إلى توافرها ببدء موسمها ، وليس لبطولات الوزارة ، التي لم تستطع حتى اليوم كبح جماح سعر أي مادة غذائية أساسية يحتاجها المواطن بحياته اليومية ، بل إنها تطارده إلى خبزه الذي تعد العدة لتقنينه عليه بالبطاقة الذكية ( وهذا له حديث آخر ) !. وباعتقادنا، تخفيض الأسعار لا يكون إلاَّ بإرغام كبار التجار والمستوردين ، على القبول بهوامش الربح المحددة بقانون التجارة ، وليس بأضعاف مضاعفة لقيمة السلعة ذاتها أو المادة الغذائية نفسها ، وكل ذلك يمكن حصره من خلال البيانات الجمركية الحقيقية لا الوهمية التي يقدمها بعض التجار الكبار للجهات المعنية والوزارات المختصة كما هو معروف لأيٍّ كان !. ومثلما وجود زهرة في برية لا يعني حلول الربيع ، كذلك انخفاض سعر البطاطا على سبيل المثال لا الحصر ، لا يعني انتفاء الغلاء الفاحش أو صحوة ضمير بعض التجار أو قدرة وزارة حماية المستهلك على حمايته !. فالسوق هو المؤشر والدليل والصورة الحقيقية للواقع الذي لايمكن تجميله أو روتشته بالفوتوشوب !.
محمد أحمد خبازي