لم أكن أتصور في يوم من الأيام أن ألتقيك لأول مرة بعد فراق طويل . كانت رائعة اللحظة التي جمعتنا مصادفة .
يوم جئتُ لزيارة شقيقتك في منزلها . أحسست أن الحب لم يكن بعيداً عني و عنك . كنت قريباً عندما رأيتك . كل أفراح العالم رقصت لي . لقد جاءني موعد للوجد معك . و لا أدري لماذا ارتعش صوتي حين التقيتك مصادفة و يداي لامست يداك .. و تساءلت : أي شعور خفي سيطر عليّ .. هل لأنك مازلت تسكن أعماقي و المفاجأة بحضورك كانت فوق احتمالي ..
تتالت الزيارات .. و الجلسات الحلوة اللطيفة بحضور الأهل و الأصدقاء ، و كنا نتبادل الأشعار و قراءة الخواطر و كل ما نكتبه أنا و هو ..
كنت أحمل سلاف حروفه و أنثره فوق سطور دفاتري بدقة متناهية لأنني أرى أنامله تسطر كلمات و كأن كل حرف منها يهتف باسمي ملهوفاً و أتمتم بداخلي :
ـ ستبقى صديقي دائماً معي طائراً غريداً فوق مروج روحي . لقد توجتك حلماً دائماً و حاورتك منذ سنتين بصمت بين فجوات الغيوم فكنت نوراً أضاء غابات الإخضرار في قلبي .
ذات يوم اتصل بي :
ـ عزيزتي سوف أزورك مع أختي مساءً .. انتظريني ..
كانت زيارته .. ممتعة .. رائعة .. أتى يحمل زهوراً و شموعاً .. و حلوى .
تعانقت نظراتنا بالشوق و الحب . أمسك يدي بحميمية بالغة و تمنينا في تلك اللحظة لو لم يكن في الوجود غيرنا . قال لي :
ـ لقد كنت على يقين أننا سنلتقي في زمن ما .. عندما رأيتك بعد فراق لا أعرف مداه . استيقظت بداخلي سعادة و فرحة لمرآك . بعد عشرين عاماً من الغربة و الفراق .. وجدتك و التقينا . بعد اليوم لن أبتعد أبداً . و لن أسافر سأبقى إلى جانبك .
عزيزتي .. لك عندي مفاجأة حلوة . اليوم ذكرى ميلادك ما نسيتها مدى عمري ..
السعادة التي عشتها تلك الليلة ذهبت بي إلى عالم جميل تمنيته ألا ينتهي . لقد أشعل بروحي ألف قنديل من قناديله ..
أمسك يدي و هو يبتسم .. هيا تعالي .. اقتربي .. نشعل شموع ميلادك معاً .. و نضعها حول الزهور .. تعالي .. لا تبتعدي ..
كانت نظراتي صامتة تحاول أن تصدق ما جرى بين توهج الشموع و نظراته لي ..
كنت ألملم بقايا حنين بهوى بين انطفاء الشموع في عناق خفي و ديع و بين نظراتنا و الشموع تسكب دموعها البيضاء بمسحة فرح هادئ .. إن هذه الأوقات الجميلة أيقظت بداخلي ذكريات سكنت أعماقي منذ عشرين عاماً رغم انزلاق الزمن بنا
و فراق طويل ..
كان لقاؤنا قصيدة تعلن عن ذاتها . أعادت ما مضى رغم قوانين .. الحياة الصارمة .
رامية الملوحي