الرئيس الأسد في مقابلة مع تلفزيون الصين المركزي: الصين تلعب دوراً مهماً على مستوى العالم من مبدأ الشراكة وليس الهيمنة 2023-09-29

 

أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الصين دولة عظمى تلعب دوراً مهماً جداً على مستوى العالم، وهي عندما تتحدث عن الشراكة تتحدث عن مبدأ جديد ولا تتحدث عن الهيمنة.

وأشار الرئيس الأسد في مقابلة مع تلفزيون الصين المركزي (CCTV) إلى أن الصين وقفت مع سورية سياسياً من خلال دورها في مجلس الأمن وفي عدد من المحافل الدولية، ومن الطبيعي أن يكون هناك حوار أوسع معها في ظل الظروف التي يمر بها العالم وفي ظل الحصار الاقتصادي الغربي القاسي الذي يهدف لتجويع الشعب السوري.

وشدد الرئيس الأسد على أن الشعب السوري قادر على إعادة بناء بلده عندما تتوقف الحرب وعندما ينتهي الحصار، مبيناً أن منطقتنا تواجه نوعين من الخطر هما خطر الليبرالية الحديثة الغربية التي نشأت في أمريكا وخطر التطرف.

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:

السؤال الأول:

شكراً على قبول المقابلة الحصرية مع مجموعة الصين للإعلام، آخر مرة قمتم فيها أنتم وزوجتكم بزيارة الصين كانت في عام 2004، ما هو شعوركم حيال زيارة الصين مرة أخرى؟ وما هي أكبر التغيرات التي تشعرون بها في الصين؟

الرئيس الأسد:

أولاً، أشكرك على إجراء هذه المقابلة اليوم، أما بالنسبة لزيارة الصين فعندما زرنا الصين من تسعة عشر عاماً حتى اليوم هناك قفزات كبيرة جداً، لو أردت أن أُجري مقارنة، فأستطيع أن أقول بأنه من الصعب إجراء مقارنة، لأن ما تغيّر كثير، في ذلك الوقت كان يُقال بأن الصين تُسمى مصنع العالم أو مصنع البضائع للعالم، أما اليوم فأنا أستطيع أن أقول بأن الصين هي مصنع الإبداع، هذا من جانب، أما من الجانب الآخر فالشيء المعروف عن الشعب الصيني بأنه مُحبّ جداً لبلده، ومن الطبيعي أن يكون دائماً هناك فخر لأي شعب بوطنه، لكن الواضح تماماً بأن هذا الفخر قد وصل إلى مراحل أكبر بكثير، بسبب الإنجازات الصينية، لكن ما أريد أن أركّز عليه وقد يكون بنفس الأهمية، أهمية هذه الإنجازات، وربما يكون أهم، هو الذي لم يتغير بالصين، وهنا التحدي الأكبر، لأن التغيّرات دائماً تأتي معها جوانب سلبية، أهم شيء لم يتغيّر في الصين هو الثقافة، هو الانتماء للوطن، للمجتمع، للعادات والتقاليد الصينية، هذا هو النجاح الأكبر.

كثير من الدول تستطيع أن تتطور تقنياً واقتصادياً وبمجالات مختلفة علمية، ولكن قلة منها تستطيع أن تحافظ على هويتها، والهوية الصينية اليوم واضحة كما كانت قبل عشرين عاماً.

السؤال الثاني:

هذه المرة حضرتم أنتم وزوجتكم أيضاً حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية، وعندما دخل الوفد السوري إلى المكان كان المشهد مفعماً بالحيوية والإثارة، وأود أن أشارككم فيديو للمشهد عندما دخل الوفد السوري إلى المكان، كان الناس يصرخون ويهتفون، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي الصينية ترك العديد من مستخدمي الإنترنت الصينيين تعليقاتهم، لقد قرأت الكثير من التعليقات ووجدتها مؤثرة للغاية، لذا أود أن أشارككم القليل منها، كتب شخص: “عليك أن تنظر إلى النجوم حتى في الأنقاض”، وقال تعليق آخر: ” إن ما يظهر للعالم ليس فقط الدمار، بل هو أيضاً حيوية لا حدود لها”، وعلق شخص آخر: ” تمنياتي أن تتفتح الورود في كل أنحاء دمشق، ويبقى السلام والحب في هذه الأرض التي تطل حتى في الصحراء”.

سيدي الرئيس، ماذا تريد أن تقول للجمهور ومستخدمي الإنترنت الصينيين؟

الرئيس الأسد:

طبعاً أنا أذكر هذه اللحظة بشكل دقيق، لأنها لحظة مؤثرة عندما هتف الشعب الصيني أو الجمهور الصيني في الملعب لدخول الفريق السوري، وهذا يعني الكثير في مثل هذه الحالة، لأنها لحظة عفوية، هذا هو الشعب الصيني، وأحياناً نعتقد بأننا بسبب المسافات نبتعد عن بعضنا عاطفياً وربما بالمفاهيم المختلفة، هذه اللحظة كانت كافية لتقول بأن الصين وسورية على المستوى الشعبي هما قريبان من بعضهما البعض، لكن بالنسبة لمستخدمي الإنترنت وحول هذا الحدث بالذات أنا أريد أن أوجه الشكر لهم على اهتمامهم وعلى التعليقات التي قرأنا بعضاً منها وكانت مؤثرة جداً، وعلى معرفتهم لعلاقة سورية بالصين التاريخية والحديثة ولما يحصل في سورية وعلى محبتهم لسورية، ولكن تحديداً بالنسبة للافتتاح بالذات، فأنا أريد أن أقول بأن الرسالة التي وصلتنا عبر الافتتاح وعبر مواقع التواصل الاجتماعي  تتقاطع أو ترتبط ببعضها البعض، هي عظمة الصين وكبرياء الصين مع التواضع الصيني.

السؤال الثالث:

أثناء وجودكم في خانجو، عقد الرئيس شي اجتماعاً تاريخياً معكم، وأعلنتم بشكل مشترك عن إقامة شراكة إستراتيجية بين الصين وسورية، كيف تقرؤون معنى هذه الشراكة الإستراتيجية؟ وفي أي المجالات المحددة تتطلعون إلى أن يشهد التعاون بين البلدين تطوراً أكبر؟

الرئيس الأسد:

الصين اليوم دولة عظمى تلعب دوراً مهماً جداً على مستوى العالم، ومع ذلك هي عندما تتحدث عن الشراكة فهي تتحدث عن مبدأ جديد، لا تتحدث عن الهيمنة، ما ينقصنا نحن كدول في مختلف دول العالم، ليس فقط في سورية، ولكن خاصة الدول الأصغر تحتاج لهذه الشراكة وتحتاج لهذا الدور، والصين تقوم بهذا الدور لأن الصين وقفت مع سورية سياسياً من خلال دورها في مجلس الأمن وفي عدد من المحافل الدولية، بالإضافة للمواقف السياسية الواضحة البعيدة عن المجاملات، فإذاً الجانب السياسي هو أساساً متطور، ولكن من الطبيعي أن يكون هناك حوار أوسع في هذه الظروف التي يمر بها العالم، هناك الجانب الاقتصادي، جانب التنمية بالنسبة لنا في سورية يعنينا كثيراً، لأن سورية الآن معرضة لحصار اقتصادي سيئ وقاسٍ وخطير من الغرب يهدف لتجويع الشعب السوري، هذا جانب مهم بالنسبة لنا، وكان أحد العناوين الواسعة التي توسعنا فيها مع المسؤولين الصينيين وفيه عدة جوانب، طبعاً الصين تقدم مساعدات إنسانية لسورية وتلعب دوراً مهماً في تخفيف المعاناة، نحن وضعنا عناوين، عندما نعود إلى دمشق ستتم لقاءات واجتماعات من أجل وضع آليات لتحويل هذه العناوين إلى مشاريع عمل تطبيقية.

السؤال الرابع:

في لقائكم مع الرئيس شي، ذكرتم أن الصين شرعت في السير على طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وقد لاحظنا أن هناك أيضاً بعض المناقشات في سورية حول كيفية التعلم من تجربة الصين التنموية، ما هو الإلهام الذي تعتقد أن مسار التحديث على النمط الصيني سيجلبه لإعادة الإعمار والتنمية في سورية في المستقبل؟

الرئيس الأسد:

أولاً، لابد من أن تكون هناك مشاريع مشتركة واحتكاك بين الخبرات الصينية والخبرات السورية في مشاريع ذات طابع اقتصادي صناعي، أولاً، لأن ظروف الصين منذ بضعة عقود كانت مشابهة لظروف كثير من دول العالم الثالث، ثانياً، لأن المفاهيم الاجتماعية والقيمية وهي تلعب دوراً أساسياً في عملية التطوير، لا يمكن أن نفصل التطوير التقني عن الحالة الاجتماعية، لذلك نستطيع أن نستفيد من التجربة الصينية بجوانب عديدة، ربما لا نستطيع أن نستفيد بنفس الطريقة من الكثير من الدول الغربية، وحاولنا وحاولت كثير من الدول في منطقتنا أن تستفيد من التجارب الغربية ولكنها فشلت، بالعكس ربما أتت نتائج التجارب أو التقليد بنتائج عكسية على تلك الدول.

السؤال الخامس:

في شهر كانون الثاني من العام الماضي، أعلنت سورية انضمامها إلى مبادرة “الحزام والطريق”، نحن نعلم أن سورية هي إحدى الدول المهمة جداً على طريق الحرير القديم، ما تقييمكم لأهمية المبادرة للتنمية العالمية؟

الرئيس الأسد:

لا نستطيع أن نفصل مبادرة الحزام والطريق عن المبادرات الأخرى التي طرحها الرئيس شي جين بينغ، مبادرة الحضارة العالمية والتنمية العالمية والأمن العالمي، لأنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية من دون أمن، ولا يمكن أن تكون هناك تنمية وأمن إن لم نحافظ على الجوانب الحضارية والأخلاقية والثقافية في العلاقات بين الدول، لا يمكن أن تكون التنمية تعني أن تسحقي هوية دولة أخرى هذا مستحيل، فلذلك أنا لا أقول بأن هذه المبادرة الآن هي مبادرة صينية، أقول بأنها أصبحت مبادرة عالمية، الحزام والطريق هو التطبيق الأهم بالنسبة لهذه المبادرة الآن، ولكن لا بد من البحث عن مؤسسات تقوم بهذا الجانب وتتفاعل مع المؤسسات الأخرى، كل هذه المبادرات مع المؤسسات تشكل شبكة لكي تتحول إلى تطبيق واقع على مستوى العالم.

السؤال السادس:

كانت سورية واحدة من أغنى الدول وأكثرها استقراراً في الشرق الأوسط، وهناك أبيات شعرية عربية يعرفها كثير من الصينيين تقول: “إن تكُن جنّة الخلود بأرضٍ فدمشق ولا تكون سواها أوْ تَكُنْ في السماء فهي عليها”، ولكن الآن وبعد أكثر من عشر سنوات من الحرب، لم تعان سورية الحرب والركود الاقتصادي فحسب، بل يمكن وصفها بأنها مدمرة، والشعب عانى من الخسائر والصدمات الكثيرة، كيف تقيّمون الوضع الحالي في سورية؟ والسؤال الأهم هو: هل انتهت الحرب؟

الرئيس الأسد:

لا، الحرب لم تنته، ما زلنا في قلب الحرب حالياً، لكن أريد أن أقول بأن سورية كموقع جغرافي عبر التاريخ القديم منذ كُتب التاريخ هي ممر للغزوات، وكلما كان يأتي محتل كان يدمر المدن فهذا هو تاريخ سورية ولكنها كانت دائماً يُعاد بناؤها، بكل تأكيد الشعب السوري قادر على إعادة بناء بلده عندما تتوقف الحرب وعندما ينتهي الحصار، المشكلة هي الآثار الاجتماعية التي يمكن أن تظهر، عندما تخسرين شيئاً مادياً تعيدين بناءه ولكن عندما تخسرين شيئاً فكرياً وثقافياً يذهب ولا يعود، الآن منطقتنا تواجه بهذه الحرب نوعين من الخطر، خطر الليبرالية الحديثة الغربية والتي نشأت في أمريكا، وخطر التطرف، فإذاً المجتمعات هي أمام شيئين سيئين يظهران كأنهما شيئان مختلفان ولكنهما في الحقيقة واحد، نحن ما نركز عليه الآن هو أن نتمكن من الحفاظ على القيم أولاً وعلى الانتماء لأن القيم

المزيد...
آخر الأخبار