جديد الأديب مصطفى صمودي : مسرحية فاوست


يسعى الأديب والناقد الكبير الأستاذ مصطفى صمودي إلى عصرنة أسطورة فاوست ، ذاك الساحر الألماني ، فيعيد كتابتها بحلُّة معاصرة .
ولكن قبل تسليط الأضواء النقدية على منجز أديبنا صمودي هذا ، أرى من المناسب هنا تقديم نبذة موجزة عن شخصية فاوست ، صاحب هذه الأسطورة الذائعة الصيت في الفلكور والادب العالميين.
وُلدَ الدكتور جوهان جورج فاوست في عام 1480 م، وتوفي في عام 1540م، في مدينة رود الألمانية ، حيث ُ تلقى تعليمه المدرسي والجامعي ، ودرس الطب في جامعة ويتينبرغ الألمانية ، وتفوق على زملائه أكاديمياً وعلمياً جعل من اسمه رمزاً للمعرفة الطبية.
كان فاوست ذا ذهنية لا تعرفُ إلا الطموح والتميز ، إذ تطلع إلى تحقيق معرفة وقوة لم يعرفهما أحد من قبله ، فلجأ إلى ممارسة السحر ، فوجد ضالته فيه ،بيدَ أنّ الشيطان ميفوستيفيليس ، خادم لوسيفر كبيرُ الشياطين ، اشترط عليه أن يبيع روحه لقاء منحه معرفة وقوة لا مثيلَ لهما .
يمنح فاوست روحه جوهرَته النفسية هذه للوسيفر ، وبهذا يقترف ذنباً كبيراً ، فالروح والجسد لله عز وجل ، وليس للفرد ، ومن يفرط بجسده وروحه يلقى تبعات إثمه هذا .
ينال فاوست معرفة خارقة وقوة لا نظيرَ لها ، ولكنّه يندم في نهاية المطاف على ما سوّلت نفسه فعله ، وتأتي الشياطين ليقبضوا روحه بعد انقضاء فترة عقده مع كبير الشياطين التي دامت أربعاً وعشرين سنةً ، وحين يرى الشياطين السود يصرخ بصوت شجي :
أنا أتوب ُ رباهُ ، أستميحك العذرَ ، يا غفار الذنوب …… سأحرق كتب السحر والشعوذة ، وألوذ إلى كنفك الآمن ، يا رب العرش …….! ، وهنا تنتهي المسرحية .
ومن الجدير بالذكر هنا أنّ شخصية فاوست لدى الأديب مصطفى صمودي تختلفُ اختلافاً جذرياً عن شخصية فاوست في الفلكور والأدب الألماني ، ففاوست صمودي يكلفُ صديقه فاغنر بتوزيع المواد التموينية للفقراء والمحتاجين وأبناء السبيل ، والعجوز تيريزا تحظى بحصتها من تلك السلل الغذائية والتموينية ، وتجدر الإشارة هنا أّنّ العجوز تيريزا ، أو الأم تيريزا ، كما تُدعى في المؤسسات الخيرية الدينية ، هي راهبة كاثوليكية من جذور ألبانية_هندية ، رعت العمل الخيري في المؤسسات التبشيرية ، كما يسجل التاريخ بوثائقه العديدة.
إنّ تقديم فاوست بوصفه شخصية خيرية ، إلى جانب الأم تيريزا المشهورة في الوسط الديني الخيري إسهامٌ قَيمٌ يُسجلُ للأديب مصطفى صمودي ، الذي يرى في الأدب بعامة ،والمسرح بخاصة منبراً للتوجيه والتوعية ، ونقتبسُ هنا باقة من كلمات فاوست وهو يخاطب فاغنر الذي قام بتوزيع السلل الغذائية للمحتاجين : ما أفعله يا فاغنر هو حقٌ وواجبٌ ، حقُ المحتاجين ، وواجبٌ علينا لردم الهوة الكبيرة بين الأغنياء والفقراء ، وإيجاد طبقة وسطى من أجل بناء مجتمع سليم معافى ، ثم لا تَنسى أّنّ للعطاء لذة لا يشعر بها إلا الذين يعطون من تلقاء ذواتهم .
وسنكملُ حديثاً لاحقاً.
بقلم أ.د إلياس خلف

المزيد...
آخر الأخبار