نبض الناس..
لا ندري حقًّا لماذا تصرُّ وزارة التربية على أن تكون الامتحانات العامة في بلدنا حربًا ضروسًا كحرب داحس والغبراء بينها وبين أبنائنا الطلاب ، تتوارثها بكل كوارثها وخرابها أجيالٌ بعد أجيال !.
ولماذا ترغب بأن يشعر الطالب أثناء الامتحانات وكأن الوزارة تناصبه العداء ، لا الأم الرؤوم التي ينبغي أن تأخذ بيده نحو المستقبل المشرق الزاهي ، وروحه تخفق بالأمان والاطمئنان ، وقلبه ينبض بالمحبة للمواد التي يُمتحن فيها ، ويحتفظ بكتبها للذكرى ولا يعمد إلى تمزيقها ورميها بعد خروجه من مركزه الامتحاني !.
ولا ندري حقًّا رغم تعاقب الوزراء عليها ، لماذا تلح على ترهيب أبنائنا الطلاب من الامتحان لا على ترغيبهم لخوضه ليجنوا بنهايته ثمار تعبهم وسهرهم الليالي ودراستهم المضنية طيلة العام الدراسي ، ولماذا تعمد إلى قهرهم بمادة أو مادتين وكأنها تريد أن تثبت لهم أنها الأقوى والمنتصرة دائمًا في تلك الحرب رغم أنها غير المتكافئة أصلًا ؟.
وبالطبع أسئلة مادة الرياضيات لطلاب الثانوية العامة يوم الأحد الماضي ، لم تكن إلَّا تجسيدًا لذلك القهر المتوارث والمتراكم الذي تمارسه الوزارة على الطلاب ـ وذويهم أيضًا ـ بكل سادية ، وكأنهم أبناء الجارية لا أبناء الست ، أو كأنهم أبناء الضرة المُرة ، لا أبناء الأم الحنون التي ينبغي لها أن تضمهم إلى صدرها ليشعروا بالحنان والأمان ، لا بالقهر والمهانة !.
والأسوأ من ذلك هو تبريرها لما ترتكبه بحق الطلاب ، بالعبارة السمجة والممجوجة ذاتها « مراعاة الفروقات الفردية » بينهم ، وقياس المهارات والروائز ، وكأنهم علماء ذرة ، ويتنافسون على قياس النانو ، أو اختراع البارود ، وهي التي يجب ألَّا يغيب عن بالها أن الظروف التي يعيشونها تطحنهم وذويهم بين حجري رحاها ، وأن تحصيلهم العلمي لا يكون بالأحجيات ولا بأسئلة فوق مستوى البشر العاديين التي يعجز عن حلها المدرسون الأساسيون والمخضرمون !.
على أي حال ، مشكلة الرياضيات لا بد من حلها بما يناسب مصلحة الطلاب وبما يراعي عدم ضياع سنة من أعمارهم ومستقبلهم ، وبما يخفف الوجع عن ذويهم .
محمد أحمد خبازي