عُدْ يا أبا الطيب ثمة أصدقاء لك وأحبّة ينتظرونك


من كثرة ما فقدنا من إخوة لنا وأحبة وأصدقاء وما خلّفه هذا من تصدّع في أرواحنا ونفوسنا فتركنا نعيش حالات وحشة وغربة واغتراب ..بتنا نتمسك بمن نحبّ بكلّ ما نملك من نبض وحنين وقصائد وفرح..بتنا نجالسهم ونصغي لعذب كلامهم ورقرقة ضحكاتهم نفتح أعيننا على اتساعها لنملأ ما استطعنا من قسماتهم ..بتنا ..وبتنا
وهذا ما أعادني إلى بداية ما تعرّضنا له كسوريين من حرب مقيتة كريهة أتت على أخضرنا وحتى على اليابس منّا كان الموت أمامنا وخلفنا وعلى يميننا وشمالنا وفوقنا وتحتنا ..كان الموت غولاً يلتهم كلّ من مرّ أمامه أو وقعت عيناه عليه ..نعم كان الموت وكنّا ..كنّا نتوجس لا بل نكره رنة الهاتف لأنّها قد تحمل لنا خبر استشهاد قريب أو خطف عزيز أو استهداف أخ هنا أو هناك ..
كنا نودّع بعضنا بعضا حين نهمّ بمغادرة البيت أو مكان العمل لشراء حاجيات ما وكأننا لن نرى بعضنا أبدا ..وإن سافر أحدنا إلى غير مدينة للعمل أو للدراسة أو للالتحاق بخدمة العلم كنّا نسهر معه ليومين أو أكثر مودعين .
كثرة الوفَيَات في الأشهر الأخيرة لاسيّما من الأصدقاء الكتّاب والأدباء جعلنا أكثر تعلّقا ومحبة وحساسية تجاه من نحب تجاه بعضنا وما أن يُصاب أحدنا بمرض ما حتّى تأخذنا إليه قلوبنا ونسكن قبالته مستذكرين كلّ حالات الفرح والنقاء والخير التي مدّنا بها طوال سنواته معنا ..نقف قبالة سريره الأبيض نتأمل مفرداته ضحكاته التي كانت تملأ العالم وكتاباته ومواقفه و..و..فنبكي أنفسنا نرثي حالنا والحياة
كتبت هذه المقدمة الطويلة وصديقنا الغالي جدا والعزيز جدا مصطفى صمودي ممدد على فراشه عقب أزمة دماغية بسيطة مرّت بسلام والحمد لله نقل إثرها إلى مشفى الحوراني وهو الآن في منزله مرحلة نقاهة
مصطفى صمودي لن أعرّف به فهو أكبر من التعريف ..
ابن مدينة حماة التي أحبّها وأحبتها بكلّ كلّيتها عرفته منابرها الثقافية بتنوعها من مسرح وشعر وفن وطرب وسياسة وفكر وفلسفة ..
هو مثقف موسوعي محاور نشط حيوي الذهنية موسيقي مسرحي رقيق الطبع نقي القلب صاحب فكاهة لا يشبه سواه له حضوره الباذخ في وسطنا الثقافي الحموي لا بل السوري وربما العربي أيضا ( مسرحيا )
مصطفى صمودي رئيس هيئة المكتب الفرعي لاتحاد الكتاب العرب والذي شغل أيضا مدير ثقافة حماة وله العديد من الإصدارات كما قلنا في مختلف الأجناس الأدبية ..
خبرته عن قرب من خلال عملنا معا وزميلنا الشاعر رضوان السح في هيئة المكتب الإداري الفرعي في حماة و إخال أنه يملك من الطيبة والحياء والفرح المخبأ ما تملكه أطفال حماة مجتمعة ..
أقول له :
عُدْ يا أبا الطيب ثمة أصدقاء وأحبة يشتاقون لك لأحاديثك ..لضحكتك
عُدْ يا أبا الطيب فحديقة اتحاد الكتاب العرب – نافورة المياه تسأل عنك كل صباح والعصافير والياسمينة وحتى الجدران تسأل عنك ..عد يا أبا الطيب نحن نحبك وننتظرك هنا ..هنا في بيتك الكبير الكبير ..في اتحاد الكتاب العرب
عباس حيروقة

المزيد...
آخر الأخبار