سنة أولى تقاعد..؟!

 

على ضفاف العاصي

 

كثيرة ٌ هي الأسئلة التي تُطرح على المتقاعد قبل التقاعد وبعده، وبأنك ستشعر بالملل والفراغ، كيف ستقضي أوقاتك وأنت من تعوّد على الدوام يومياً؟ وغيرها من أسئلة..

وبما أنني في سنة أولى تقاعد فقد عشت الحالة، ومثل هكذا أسئلة طُرحت وتُطرح بشكل دائم، ولعلّ الإجابات تلقي الضوء على حياة المتقاعد الذي أعطى وما زال قادراً على العطاء.

عطاء المتقاعد إمتدادٌ لعطائه بعد التقاعد، إنّما بأساليب وطرق ووسائل مختلفة!

تتغير حياة المتقاعد فيصبح أكثر راحة من الناحيتين النفسية والجسدية، يستطيع أن يستيقظ في أي وقت، إرتاح من ضغوط العمل، الدوام، المتابعة،… أصبح لديه حياة جديدة متجددة فيها من الشعور بالرضا والسعادة والقناعة بأن الحياة يمكن أن نعيشها بكل حلوها ومرّها ونرسم صورتها في عقولنا وقلوبنا.

في سنة أولى تقاعد استطعت أن أتابع الكثير من القضايا بهدوء وراحة بال، من خلال الكتابة والتي أراها حياة مستمرة لا ينقطع حبلها السّري أبداً.. من خلال الكتابة لا أشعر بالفراغ أبداً، هناك أفكار جديدة ومتجددة، هناك قضايا حياتية يمكن الإضاءة عليها بروح إيجابية ومسؤولية عالية..

خلال هذا العام من التقاعد كان العمل متعدد الأوجه، يانع الثمرات، خلال هذا العام أنجزت ما كنت أسعى إليه وتأخر كثيراً لظروف عديدة أكثرها مادية، أنجزت مجموعتين شعريتين جمعاً وتنسيقاً وتدقيقاً وتنضيداً ومتابعة وطباعة وهذا استغرق مني وقتاً وجهداً كبيرين.

لقد أتاح لي التقاعد التفرغ لإنجاز مشروعي الأدبي والذي بدأته قبل أربعة عقود، لكن (الحواكير العتيقة) و(أناشيد الظلال) صدرتا بعد أن أنهى الأولاد دراستهم الجامعية وهو بقناعتي الأهم.

إنّ العمل الفكري والذهني من كتابة ونشر أخذت حيّزاً مهماً خلال سنة أولى تقاعد، إلى جانب العمل في الأرض من زراعة وجني ومتابعة وهو نشاط جسدي، حركي، هو رياضة تعطي ىللجسم حيوية ونشاط، وأعتبره من أكثر الرياضات فائدة لجهة الجسم والشعور بالسعادة الحقيقية وتعديل المزاج.

ثمة أنشطة موازية تشغل المتقاعد من زيارة الأصدقاء وأداء الواجبات ومتابعة الأحفاد والأولاد والقيام بجولات في الطبيعة حيث الجمال والهواء النقي.

سنة أولى تقاعد… ويستمر العطاء، النشاط، الحيوية بعيداً عن الروتين، تشرق الصباحات ويستمر الضياء يمنحنا الأمل ويدفعنا للمزيد من النجاح والعطاء… نفتح نوافذ المحبة، نفتح قلوبنا لكل ما هو جميل، بعيداً عن اليأس والملل ونكتب بمداد القلب لكل من يستقبل يومه بالفرح والأمل والحياة.

*حبيب الإبراهيم

المزيد...
آخر الأخبار