الفداء_
لم نجد أحداً من الأدباء ولا الشعراء وصف الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم كوصف البدوية أم معبد بالصحراء.
أبو معبد يعود إلى الخيمة ليجد عند أم معبد لبناً وفيراً وهي لاتملك شاة حلوباً فيسألها: من أين لك هذا ياأم معبد ؟ لتجيب بلسان فصيح في وصف من عجزت الألسنة والعقول عن وصفه في تلك الليلة التي هاجر فيها فتقول : ياأبا معبد مر بنا أربعة رجال بينهم رجل ظاهر الوضاءة ، حسن الخلق ، مليح الوجه ، لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة هو قصيم وسيم رأيته أزج أقرن أحور أكحل في عينيه دعج وفي أشفاره وطف ، وفي صوته صهل ، وفي عنقه سطع ، وفي لحيته كثافة ، إذا صمت فعليه الوقار ، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء حلو المنطق ، فصل لاهدر ولانذر كأن منطقه خرزات نظم ينحدر فهو أبهى الناس ، وأجمله من بعيد وأحسنه من قريب ، ربعة من القوم ليس بالطويل ولابالقصير ، لاتنساه عين من طول ، ولا تقتحمه عين من قصر.
أنضر الثلاثة وجهاً ، وأحسنهم وجهاً غصن بين غصنين له رفقاء إذا تكلم استمعوا لكلامه ، وإذا أمر ابتدروا لأمره فهو محفود محشود غير عابس ولامفند.
هز الرجل رأسه وقال: أتعلمين من هو؟ قالت: لا ! قال: هذا محمد، هذا صاحب قريش …