الفداء – ازدهار صقور
يُعد منزل المواطن أبو محمد، آخر بيت تم بناؤه بالحجر قبل عشرين عاماً، وسط قرية الحيلونة التي تضم أكثر من 200 منزل حجري.
ورغم جمال هذه البيوت وصلابتها، بدأ البعض بتفكيك الحجارة وبيعها، مع تراجع الاعتماد على البناء التقليدي لصالح المواد الحديثة، ما يعكس التحديات التي تواجه هذه الحرفة العريقة.
داخل المنزل الحجري، تتحدث أم محمد للفداء، عن ارتباطها بمنزلها الذي يوفر الأمان والدفء في الشتاء والبرودة صيفاً، بعكس المنازل الحديثة في القرية، ما يوضح القيمة العاطفية والثقافية لهذه المساكن.
ويأتي الشاب مجد، آخر من ورث مهنة البناء الحجري من والده، ليؤكد أن المهنة تكاد تنقرض، ويكتفي اليوم ببناء الجدران للأراضي الزراعية، ما يعكس التحول الكبير في طريقة استخدام هذه الحرفة التقليدية.
ويشرح مجد، من قرية الحيلونة بريف مصياف الغربي للفداء، أن البيوت الحجرية في البيئة الجبلية تتميز بصلابتها ومتانتها، وقد صمدت في وجه أصعب الظروف الطبيعية، لتروي تراث سكانها وتعكس ثقافتهم، مؤكداً أنه تعلم الحرفة من والده.
ويضيف أن سرّ قوة هذه المنازل يكمن في الطريقة التي كان الأهالي يتعاونون بها أثناء البناء، حيث يكسر البعض الصخور ويحضر الحصى، ويشرف العامل على وضع حجر الأساس، بينما يجلب آخرون الطعام والماء لفريق العمل، ما جعل العمل الجماعي يخفف الكثير من الصعوبات اليومية.
ويشير إلى أن البيوت الحجرية مشيَّدة وفق المواد المتوافرة في البيئة الجبلية، وجدرانها تمتد متر ونصف المتر تحت الأرض بسماكة مترين، مع فتحات صغيرة للتهوية، ما يمنحها دفئاً شتاءً وبرودة صيفاً، وهو ما يجعلها مناسبة تماماً لظروف البيئة الجبلية.
وتستغرق عملية بناء المنزل من أربعة إلى خمسة أشهر، بينما يمتد بناء الجدار نحو شهر، مع كون مرحلة تكسير الحجارة الأصعب نظراً لصلابتها، ما يعكس مهارة الحرفيين وحاجتهم إلى صبر ومثابرة كبيرة.
ويذكر مجد والده وجده الذين علماه الحرفة، مؤكداً أن إرثهم مازال صامداً رغم زحف التحضر والتمدن، ليبقى شاهداً على براعة الأجداد في تصميم مساكن تلائم البيئة وتحديات الحياة الصعبة، وتبرز أهمية الحفاظ على هذه الحرفة التراثية قبل أن تختفي تماماً.
#صحيفة_الفداء
#معركة_ردع_العدوان
#عام_على_التحرير