حماة… عودة الصوت بعد صمت طويل

الفداء_ ناديا المير محمود:

خرجت حماة اليوم في مظاهرةٍ طال انتظارها، تحيي مناسبة التحرير وترفع صوتها من جديد بعد عقود كانت فيها المدينة رمزاً للألم والصبر والإصرار.

مشهد الحشود في شوارعها لا يمكن فصله عن الذاكرة التي حملتها الأجيال، ولا عن الجراح التي حاولت المدينة تضميدها بصمت تحت ثقل الحكم السابق.

تاريخٌ ثقيل وذاكرة لا تُمحى

حماة، المدينة التي لطالما عُرفت بروحها المناهضة للظلم، وطباع أهلها الهادئة، وجدت نفسها في أكثر من منعطف تاريخي على خلاف مباشر مع السلطة.

من أحداث الستينيات وحتى الثمانينيات، عاشت المدينة ما يشبه العزلة القسرية داخل بلدها، بعدما ارتبط اسمها بما جرى من مواجهة دامية تركت خلفها آثاراً اجتماعية ونفسية عميقة.
ورغم أن الحديث عن تلك المرحلة ظل ممنوعاً لسنوات طويلة، فإن ذاكرة الأهالي لم تُمحَ، بل بقيت حيّة تنتقل من جيل إلى جيل.

رمزية المظاهرة..استعادة الوجه المفقود

تكمن رمزية مظاهرة اليوم، في كونها ليست مجرد حضور في الشارع، بل لحظة استعادة لكرامةٍ غُيّبت طويلاً.

فقد جاءت الجموع لتقول: إن حماة لم تعد تلك المدينة المحاصرة بصورتها القديمة، بل مدينة قادرة على مواجهة إرث الألم بثبات، وإعادة تعريف نفسها بعيداً عن الروايات الأحادية التي فُرضت عليها.

إنّها عودة الوجود، وعودة الاسم، وعودة الدور الذي سلبه التاريخ القسري.

عودة إلى المشهد الوطني

اليوم، ومع سقوط النظام البائد،  وانفتاح البلاد على عهدٍ جديد، تبدو مظاهرة حماة أكثر من مجرد احتفال بالنصر السياسي.

إنّها لحظة تعبير صريح عن عودة المدينة إلى مكانها الطبيعي في المشهد الوطني.

الهتافات التي ارتفعت لم تكن فقط لتأكيد الارتباط بسورية الجديدة، بل كانت أيضاً بمثابة إعلان بأن الزمن الذي عانت فيه حماة من التهميش، ومن الصورة النمطية التي التصقت، بها قد انتهى.

فاللافت في مشهد اليوم، هو ذاك الإحساس الجماعي بأن المدينة تستعيد صوتها، ليس بدافع الانتقام أو استحضار الألم، بل رغبةً في طيّ صفحة مظلمة، وفتح أخرى أكثر عدلاً وكرامة.

رسالة تتجاوز حدود المدينة

مظاهرة حماة اليوم لم تكن حدثاً محلياً فحسب، بل رسالة وطنية تقول إن المدن السورية، مهما عانت  القسوة ، قادرة على النهوض من جديد.

هي بداية استعادة دور، واسترجاع هوية، وإعادة كتابة تاريخٍ لطالما انتظر فرصةَ أن يُروى بصدق.
#صحيفة_الفداء
#معركة_ردع_العدوان
#عام_على_التحرير