إلغاء قانون قيصر يفتح مرحلة جديدة في المسار السياسي والاقتصادي السوري

الفداء ـ زهراء كمون 

يشكّل إلغاء قانون العقوبات الأميركي المعروف بـ”قانون قيصر” وتوقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على القرار ضمن قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026 تحولاً مفصلياً في المسار السوري، أنهى واحدة من أشد منظومات العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة منذ عام 2019، وفتح آفاقاً جديدة للتعافي السياسي والاقتصادي.

ويُنظر إلى إلغاء «قانون قيصر» على أنه تحول نوعي في مقاربة المجتمع الدولي للملف السوري، ويعكس قناعة متزايدة بعدم جدوى مسار العقوبات في تحقيق الاستقرار، مقابل الحاجة إلى دعم جهود التعافي وإعادة الإعمار وتهيئة بيئة تسمح بعودة الاستثمارات والانخراط التدريجي في النظامين الاقتصادي والمالي الدوليين.

ورحبت الجهات الرسمية السورية بالقرار، معتبرةً إياه خطوة مهمة للتخفيف من الأعباء التي أثقلت كاهل المواطنين، وفتح آفاق جديدة لإعادة الإعمار وتحريك عجلة الاقتصاد.

وأكدت وزارة الخارجية، أن القرار  يوسع فرص التعاون الاقتصادي والسياسي، مع التشديد على التزام دمشق بالانفتاح والتعاون الإيجابي مع المجتمع الدولي.

اقتصادياً، وصف رئيس مجلس المصدرين السوريين عبد القادر طحان إلغاء قانون قيصر بمحطة تاريخية فارقة تبشر بنهضة اقتصادية شاملة، تشمل عودة الاستثمارات وتنشيط القطاعات الحيوية، بعد سنوات طويلة من العزلة المالية والتجارية.

بدوره قال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، إن إلغاء عقوبات قانون قيصر يفتح آفاقاً استراتيجية أمام دمشق للحصول على تصنيف ائتماني سيادي، مؤكداً أن المصرف المركزي سيؤدي دوراً محورياً في المرحلة المقبلة عبر دعم الشفافية النقدية، وتوفير بيانات اقتصادية موثوقة، وتعزيز الاستقرار المالي، وتحديد أولويات الإصلاح وإعادة بناء المؤسسات المالية، بما ينسجم مع متطلبات الاندماج في النظام المالي العالمي.

وفي البعد الحقوقي، اعتبر مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أن القرار، يشكل تحولاً جوهرياً في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويسهم في تحسين المستوى المعيشي للسوريين، ويفتح آفاق العمل أمام الشباب، ويعزز الاستقرار المجتمعي والعيش الآمن والمستدام داخل الوطن.

وعلى المستوى الشعبي، رُصدت حالة من التفاؤل في الشارع السوري، حيث عبّر مواطنون عن فرحتهم بإلغاء العقوبات، معتبرين أن البلاد تدخل مرحلة جديدة بعد سنوات طويلة من الضغوط الاقتصادية والمعيشية، ويرى كثيرون أن رفع العقوبات يوفر فرصة حقيقية لتحسين الأوضاع الداخلية وتعزيز الجهود التنموية.

ويأمل السوريون أن ينعكس هذا التحول على تحسن ملموس في الواقع المعيشي، وتحقيق انفراجات اقتصادية وسياسية خلال المدى المتوسط، مع التركيز على معالجة الملفات الخدمية والمعيشية وقضايا النازحين والمهجرين.

كما يفتح إلغاء قانون قيصر، الباب أمام مطالبات متزايدة بتفعيل الحياة السياسية في المرحلة الانتقالية، وينظر إليه على أنه فرصة لدعم الجهود الداخلية الرامية إلى تحسين الواقع الاقتصادي وتوفير بيئة أكثر استقراراً تساعد على تنشيط العمل والإنتاج.

ويرى مختصون، أن المرحلة المقبلة تتطلب خطوات عملية لتحسين مناخ الاستثمار ودعم المشاريع الصغيرة، بما ينعكس مباشرة على معيشة المواطنين، إلى جانب تعزيز الشفافية ورفع كفاءة العمل المؤسسي، ومكافحة الفساد وضمان استقلال القضاء، باعتبارها شروطاً أساسية لجذب الاستثمارات وإطلاق عملية إعادة الإعمار.

ويعتبر باحثون، أن إلغاء «قانون قيصر» يعكس مستوى متقدماً من الثقة السياسية الدولية بالحكومة السورية، ويمنح دمشق هامشاً أوسع لتنفيذ سياساتها الداخلية، بما قد يشجع الشركات الأجنبية على دخول السوق السورية، ويؤسس لمرحلة جديدة.

كما يمثل  مرحلة جديدة في المسار السوري، عنوانها الانتقال من إدارة الأزمات إلى اختبار القدرة على التعافي والبناء، حيث باتت الفرصة متاحة أمام سوريا لإعادة ترتيب أولوياتها الداخلية وإطلاق إصلاحات اقتصادية وتشريعية تعزز الثقة الوطنية وتستقطب الشراكات الخارجية.

وبين التفاؤل الشعبي والتحديات القائمة، تبقى المرحلة المقبلة مرهونة بترجمة هذا التحول إلى سياسات عملية تلامس حياة المواطنين، وتؤسس لاستقرار مستدام يعيد لسوريا دورها الطبيعي في محيطها الإقليمي والدولي.

#صحيفة_الفداء

المزيد...
آخر الأخبار