على الرغم من قلة عدد الحالات ، قضية خطيرة بدأ البعض بتداولها والحديث عنها ، وهي قضية تشطيب المراهق أو المراهقة لبعض أجزاء من جسدهم ، لكن مع عدم الإبلاغ عن أية حالة رسمياً لانستطيع تعميمها ، لكن بعض الأهالي والطلاب نوهوا بشكل غير مباشر لها ، ونحن وحرصاً منا على عدم انتشارها لدينا أو تقليدها وخصوصاً أنها منتشرة بشكل واضح في بعض دول الجوار ، حيث يقوم المراهقون وخصوصاً في مرحلة التعليم الأساسي بإيذاء أنفسهم عن طريق استخدام شفرات لتشطيب أجزاء من أجسادهم تعبيراً عن احتجاج أو لفت نظر لقضية تخصهم و بخروج الدم وبحسب اعتقادهم يشعرون بالراحة النفسية.
لعبة مريم المدمرة
تذكرنا تلك الظاهرة وانتشارها بلعبة مريم الإلكترونية والحوت الأزرق ولعبة مومو ، والتي أرخت بسوادها على اليافعين والمراهقين ، وقتها أدت تلك اللعبة إلى انتحار عدد من الشباب عندنا وعلى امتداد الوطن العربي كما أنتجت الكثير من حالات الانهيار العصبي والتوتر النفسي ، واللعبة عبارة عن محادثات وتواصل حيث يستطيع برنامج اللعبة الدخول إلى ملفات الشخص من صور ومحادثات وفيديو والقيام بتهديد هذا الشخص والذي يكون عبارة عن مراهق أو طفل وأحياناً بالغ ، والحديث معه وكأن مريم تراه وتسمعه وتراقبه عن قرب ، فيقع تحت سيطرة وسواس قهري يؤدي به نحو الانتحار أو إلحاق الضرر بنفسه .
رأي مديرية التربية بحماة
للوقوف على حقيقة الموضوع تواصلنا مع مديرية التربية بحماة ، حيث جاء الرد أنه لم يلاحظ وجود هذه الظاهرة في مدارس المحافظة، ورغم ذلك تم متابعة هذه القضية من خلال إرسال لجنة من مديرية التربية لعدد من المدارس والاستفسار، حيث تبين للجنة عدم انتشار هذه الظاهرة الخطيرة ولم يتم التبليغ رسمياً من قبل إدارات المدارس عن حالات تشطيب الجسم ، وسوف تسعى مديرية التربية لمتابعة الموضوع وقاية وحماية لطلابنا من خلال التوعية، وهنا نرى الدور المهم للمرشدة النفسية في حل مشكلات الطلاب والمساعدة على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لمن هو بحاجة لذلك ، مع تمنياتنا بتعيين مرشدات في المدارس التي لايوجد فيها وخصوصاً في مرحلة التعليم الأساسي ( حلقة ثانية ) .
تقليد أعمى
بعض الفتيات تعلّمن ذلك من صديقاتها، وعلى ما يبدو تنتقل هذه العدوى من فتاة إلى أخرى، إذ تحاول الفتيات تشجيع بعضهن البعض على التشطيب وإراقة الدماء ، بحيث تُجمع أكثر من فتاة على أن هذه الوسيلة هي السبيل الأوحد لراحتهن، وأنهن مقهورات ومكبوتات ولا أحد يفهمهن، وعلاقتهن غير جيدة بأهلهن.
وعلى الرغم من إدراكهن أن الشفرة قد تكون مؤذية وتحمل الكثير من الميكروبات، وربما تؤدي إلى موتهن، ورغم ذلك لا يأبهن، لأن الحياة التي يعشنها وفق أقوالهن أشد إيلاماً.
ومن اللافت أن إحدى الفتيات حاولت تقليد رفيقاتها فشطّبت يدها بشكل عميق وكادت أن تقطع شرايينها، وتقول:لا أعرف ماذا حصل، قالوا لي امسكي الشفرة وشطّبي، فشطبت وأحدثت جرحاً عميقاً كاد أن ينهي حياتي وعن غير قصد ، وطفل آخر كاد أن يفقد حياته نتيجة تشطيب يده وعدم إدراكه لمخاطر هذا الفعل .
التوتر الأسري
إن ظاهرة تشطيب اليدين والجسد لدى المراهقين تدل على وجود اضطراب في الشخصية، ويتراوح هذا الاضطراب بحسب عمر المراهق، و حسب قول الاختصاصيين النفسيين ، فإذا كان عمر المراهق صغيراً، فيدل ذلك على أنه يلجأ إلى هذه العادة بفعل التقليد،أما إذا كان عمره أكبر فيدل على أن لديه اضطراباً مع الذات أو مع الآخرين ، وغالباً ما يعاني هذا المراهق اضطرابات وخللاً عائلياً، بشكل يفقده الشعور بمكانته وقيمته، ويشعره بأنه فاشل ولا مستقبل له، إذ كلما حاول ترتيب وضعه ومكانته يفشل، فيرتد الأمر عليه سلباً.
الوقاية تمنع انتشار هذه الظاهرة
من المتعارف عليه، أن المراهقة هي مرحلة تسودها الاضطرابات والتغيرات الهرمونية والفيزيولوجية، ما يزيد الأمور تعقيداً، وأن بعض المراهقين الذين يعيشون مرحلة بناء شخصية وهوية إذا تعرضوا للمساس بشخصيته ، أو في حال تعرّض لعنف عائلي أو عنف لفظي قد يلحقون الأذى بأنفسهم ، لذلك على الأهل الاهتمام بالمراهق وتعزيز مكانته وتنمية قدراته وجعله يشعر بمكانته وقوة شخصيته، وبأنه موجود من خلال تحسين صورته وتشجيعه، مع أهمية الابتعاد عن عقد المقارنة بين الإخوة حتى يشعر المراهق بالقبول والنجاح.
وهنا نذكر الأهل الانتباه إلى أولادهم ومراقبتهم بشكل دائم مع التوجيه الصحيح الممزوج بالحب والحنان ، وأخذ هذه الظاهرة أو العادة على محمل الجد لأنها قد تقود ابنهم للانتحار أو ادمان المخدرات في حال لم تتم معالجتها في وقت مبكر، ونتمنى أن تبقى خارج إطار مجتمعنا وحياتنا.
ماجد غريب