على ضفاف العاصي : من هو الإنسان الحر؟

الإنسان ابن بيئته التي يعيش فيها، والبيئات أنواع متعددة، هذه بيئة مغلقة متعصبة، وتلك متخلفة تعتقلها العادات والتقاليد البائدة، وأخرى تتخللها العقلية الجاهلية والثارات القبلية والأمراض الاجتماعية التي لاتشفيها وصفة دوائية من الصيدليات، وغيرها من البيئات التي تقف حائلاً في طريق التقدم والتطور الذي يخدم المجتمع بشرائحه المتعددة. من هنا يأتي دور العلم والفكر المتطور المنفتح الذي يستند إلى التحليل والبرهان الواقعي في تنظيف هذه البيئات من التخلف والجهل، وترسيخ الأفكار البناءة التي تأخذ بأسباب التطور الذي ينقل المجتمع من حالة التخلف إلى حالة التطور، وخلق العقل العلمي الذي ينظر إلى الواقع بمنظار الواقعية والموضوعية في الميادين كافة، وهذا يتطلب خلق بيئة خالية من الخوف والكبت، لأن الإنسان الحر هو الإنسان القادر على العطاء والإبداع، وكل من يدّعي غير ذلك إما جاهلاً، أو غير ملمّ بواقع المجتمعات، ويجهل أسباب التطور والتقدم ، لذلك كان لزاماً على كل مجتمع من المجتمعات المتخلفة أن تهيئ أداة تحمل فكراً متطوراً نقياً من الشوائب كافة، يتحمل هذه المسؤولية التاريخية الهامة في الإشراف على تربية الأجيال الصاعدة بعد تنظيف البيئات المتخلفة من جميع المعيقات التي تقف حجر عثرة في طريق التطور، لأنه لافائدة من التأثير على الأجيال من الناحية الثقافية مادامت هذه الأجيال تعيش في بيئات متخلفة, فالتحصين يأتي أولاً من تغيير البيئة قبل كل شيء، وقد ثبت بما لايدع مجالاً للشك، أن البيئات المتخلفة كانت حاضنة للإرهاب، لأن الإرهاب والتكفير لايعيش إلا في الوسط المتخلف الجاهل الذي يمكن التلاعب بأفكاره وعواطفه البعيدة عن العلم والمنطق. والتغيير لايتأتى بالوعظ والتلقين لأن هذا الأسلوب الوعظي سرعان مايتبخر من ذهن من سمعه دون حوار وتحليل. فما دامت البيئة الحاضنة للجيل لم تتغير إلا بفعل مؤسسات تربوية علمية ثقافية يقوم عليه أناس من ذوي العقول النيرة، والثقافة الواعية، والمعرفة الواسعة، بهذا تتخلص المجتمعات من الشوائب التي تؤثر على العقول القاصرة، ويصبح المجتمع سليماً ناضجاً من الناحية الثقافية، يلفظ من بين صفوفه كل من يكون ضحية الجهل والتخلف بيد أعداء الحياة الذين يعتمدونهم أداة في محاربة كل تقدم وتحرر من خلال الخرافات والأوهام التي تمثل بيئات لنمو كل خائن وعميل يستقبل أعداء الوطن كدليل خيانة تحت شعارات يخطط لها الأعداء ليغتالوا الأمن والاستقرار في المجتمعات التي تصبو إلى التحرر والتقدم والإصلاح.
هذه حقيقة ناصعة يجب أن يتنبه لها الجميع في المستقبل المنظور.

أحمد ذويب الأحمد

المزيد...
آخر الأخبار