استطلاع : الضغــوط النفسيــة علــى المــرأة العاملــة وأثــرها علــى الأســرة اختصاصية: راحة المرأة تنعكس على العائلة والمجتمع

 

تعد الضغوط النفسية ظاهرة من ظواهر الحياة في عصرنا الحالي، عصر التغيير والتجديد وتواجه المرأة العاملة في مواقف الحياة المختلفة الكثير من الحوادث الحياتية المهمة والملحة والمتتابعة والتي قد تسبب حالة من الإجهاد التراكمي الذي يجعلها أكثر عرضة للضغوط، ضغوط داخلية كانت أم خارجية ، حيث إن الخارجية تتمثل بالصعوبات في التعامل مع المحيط الإجتماعي وضعف الثقة بالنفس وعدم القدرة على المواجهة، والضغوط النفسية الداخلية وضغط الحياة العائلية والأسرية جميعها لها انعكاساتها، جدل واسع يثار عندما نحاول التوصل إلى إجابة محددة عن ذلك التساؤل ولكن الأمر المثير للاهتمام أن نجد إجابات متعددة عندما نتوجه إلى المرأة العاملة نفسها لأنها أكثر تأثراً بتلك الضغوط فهل هي قادرة على التحمل ؟ وهل هي قادرة على تحقيق ذاتها ومسؤولياتها الأسرية والاجتماعية رغم ضغوط الحياة وصعوبتها؟ سؤال توجهت فيه إلى عدد من النساء وكل منهن قالت رأيها:

ضغط العمل يرهقني
أم حيدرة موظفة وظيفتها تمتد إلى أكثر من عشر سنوات تقول: أنا أكثر الأطراف تضرراً من بقائي ساعات طويلة في العمل وهذا سبب لي ضغطاً وإرهاقاً وأثر على نفسيتي ولم أعد قادرة على ترتيب أموري البيتية وأثر ذلك على أطفالي وخصوصاً أنهم في مرحلة تأسيسية حتى نسيت (الميك آب والمكياج) ولم يعد لدي الوقت الكافي للقيام بذلك أولادي هم الضحية، فالعمل مستحوذ علي بالكامل، فلم يعد لدي مايكفي من الوقت للاهتمام بزوجي وهو أيضاً متضرر فلاأصدق كيف أصل البيت وأحاول جاهدة لأوفق بين واجباتي المنزلية وأنظمها ولكن عبثاً لأن نفسيتي محبطة ويتم تفضيل شيء على حساب شيء آخر لضيق الوقت وشدة التعب ووضعي الصحي المنهك وأتمنى أن أخرج من هذه الحالة على الرغم بأنني بحاجة للعمل فظروف الحياة قاسية ولابد من الصبر وتحمل المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية لأسرتي ورعاية أطفالي.
دور مزدوج
أم أمير موظفة في قطاع خاص ساعات عملها قليلة قالت : إنني ألعب دور الرجل والمرأة ويقع على عاتقي ضغطاً نفسياً هائلاً وكأنه جبل، (أشهق لا ألحق) وظيفتي وأتابع دراسة أولادي وأقوم بواجباتي المنزلية من تنظيف وترتيب وغيرها واشتري حاجيات المنزل وأدفع الفواتير وووووالخ فزوجي عسكري ولايتقاضى إجازة سوى مرة أو مرتين كل ثلاثة أشهر فالمسؤولية كبيرة و ضغط الحياة كبير حتى إنني لم أعد قادرة على زيارة أهلي إلا في المناسبات بسبب ضغط العمل ومشكلات الحياة وعدم وجود وقت كافٍ ولايمكنني أن أفصل بين الضغوط والأعباء التي أتعرض لها كمرأة عاملة ولكن تعودت على هذا الوضع رغم الإرهاق والتعب الجسدي وقلة النوم فأنتظر يوم العطلة لانام وارتاح.
وأضافت المواطنة نهى : في ظل الظروف تجد المرأة نفسها في مواجهة حقيقية مع ظروف الحياة ووجود الرجل في ساحة المعركة فرض عليها مسؤولية مضاعفة من العمل خارج المنزل إلى تربية الأطفال وتأمين مستلزماتهم وكثير من النسوة أثبتن جدارتهن وكن على قدر كبير من تحمل المسؤولية
للمرأة طاقة كبيرة على التحمل
هذا ماأكدت عليه المواطنة رنا موظفة في الاتصالات حيث قالت: إن المرأة إنسان ولكل إنسان طاقة واالله خص المرأة بأكبر طاقة وأصعب المهام وخاصة النفسية لأنها الراعي الأول للبيت والأبناء والزوج وهذا يتطلب دعماً وراحة كبيرين لتكون قادرة على العطاء وفي هذا الوقت بالذات المرأة تدرس وتعمل وتبدع ودائماً بكامل أناقتها وراحتها النفسية لكي تكون ناجحة بالمجتمع ولكن الظروف الجديدة والتغيرات الطارئة على حياتها سببت لها ضغوطاً إضافية و أكبر من قدرتها على التحمل فاضظرت إلى إعادة ترتيب أولوياتها، وبدأنا نلحظ مظاهر جديدة للمرأة السلبية مثل العانس والمطلقة والمشردة والمريضة نفسياً وذلك كله انعكس على الأسرة والمجتمع بالتفكك إضافة للأذى النفسي الذي سببته الحرب وبالأخص على المرأة وبالتالي نحن أمام مأزق حقيقي.
فقدان
حسناء الحاصلة على الشهادة الإعدادية استشهد أخيها وأثر على نفسيتها وعاشت حزناً عميقاً وعبرت عن حالها أنها عاشت ظلاماً وقالت: لم أعد أتحمل أحد ولا أتحدث إلى أحد انطويت على نفسي كلياً لمدة طويلة إلى أن تعايشت مع الوضع وسلمت أمري لله وقررت ان أبحث عن عمل لأرتاح نفسياً وعملت في عيادة أطفال مساءً وصباحاً في المشتل الزراعي مع أنني أعمل عملاً شاقاً ومتعباً جسدياً ولكنني مضطرة على التحمل وذلك على حساب صحتي ونفسيتي لكي لاأحتاج أحداً والحمدلله على كل حال.
من رحم الألم يولد الأمل
حنان خريجة جامعية قسم الإعلام وصفت حالتها : تخرجت من الجامعة منذ تسع سنوات وكنت من المتفوقات في الدفعة وكانت لدي طاقة هائلة للعمل لتحقيق هدفي ولكن الحرب والظروف الصعبة وفقدان أخي أثر على نفسيتي وقتل الحلم بداخلي وحول طاقتي إلى طاقة خامدة وعشت صراعاً مابين حلمي وبين أهلي المفجوعين وعشت حالة كآبة طويلة إلى أن قررت البحث عن عمل فعملت بمحل ألبسة ولكن نفسيتي زادت سوءاً وزاد الضغط علي لدرجة لم أعد أطيق رؤية أي شخص من حولي، كنت متخبطة جداً وذلك لعدم تقدير رب العمل لعملي ولوجودي كانت معاملته كمعاملة العبيد إلى أن قرأت عن مسابقه لتعيين في إحدى المنظمات وقدمت ونجحت وتم تعييني منذ سنتين والحمدلله تحسنت كثيراً بعد هذا الألم الدفين والضغط الكبير فمن رحم الألم ولد الأمل.
وتضيف: فالعلم والعمل يجعل المرأة أكثر قوة، ويمنحها الإحساس الذاتي بأنها أكثر قيمة في مختلف النواحي النفسية والمعنوية، وإن العمل المستقر يشعر المرأة بأنها تحقق ذاتها، ويزيل كثيراً من المشاعر السلبية لديها، كأن تشعر بأنها لاتزال ذلك الكائن الضعيف ذات القدرات المحدودة ،إضافة إلى أن ضغط العصر الحديث حتّم أن تكون المرأة عاملة، لكنه فرض عليها الكثير من الضغوط الناتجة عن التوفيق بين عملها وبين دورها في الأسرة الذي بقي كما كان عندما كانت المرأة غير عاملة وعدم كفاية التسهيلات العملية لمساعدتها، مثل تعاون العائلة ضمن المنزل من حيث المشاركة والتعاون في الأمور المالية وشؤون المنزل ورعاية الأطفال، و دور الحضانة في أماكن العمل، وإجازات الأمومة، وغير ذلك إضافة لضغط العمل المتعلق بمدى مناسبة العمل لشخصية المرأة، وقدراتها، ومهاراتها، وطبيعتها، وخصائصها البدنية والنفسية، وأيضاً بنوعية شروط أداء العمل وظروفه، فالعمل الروتيني الممل أو العمل القاسي الصعب يسبب كثيراً من المشكلات السلبية على صحة المرأة النفسية واستقرارها النفسي ،هذه الأعمال التي فرضتها الحياة المعاصرة بتعقيداتها المختلفة وتطوراتها ومتطلباتها.
هذه كانت بعضاً من تجارب نساء تحملن ضغوط الحياة.
ولمعرفة رأي اختصاصي علم النفس والاجتماع بهذا الموضوع التقينا المرشدة النفسية علا البشلاوي التي تحدثت عن أسباب الضغط النفسي وسبل علاجه فقالت: إن الضغط النفسي الذي تتعرض له المرأة متعدد الأوجه وله أسباب متعددة مرتبط بكل مجتمع على حده حيث إن راحة المرأة تنعكس على راحة جميع أفراد المنزل لمقاومة الضغط النفسي كأن تستخدم عقاراً طبياً أو تبحث عن إزالة سبب الضغط النفسي أو تنشغل بعمل يدوي أو تصنع شيئاً بالرمل أو تشاهد التلفاز أو تمارس الرياضة، كل امرأه تختار أسلوباً يناسبها للتفريغ والراحة من شدة الضغط.
وأهم شيء في علاج من تتعرض للضغط النفسي هو أن تعترف بوجود ضغط نفسي وعندها يسهل تحديد الأسباب والعلاج ومن هنا تستطيع من خلالها المرأة أن تتغلب عليها. أن تحاول السيطرة على أسلوب حياتها فتضع جدولاً للأعمال وتخطط للمستقبل وتدون بعض المشكلات والحلول لمواجهتها وتقلل من شرب المشروبات التي تحتوي كافيين وتمارس الرياضه وتتخلص من الأفكار السلبية التي تجلب قلق وتوتر وتركز على التفكير الواقعي الإيجابي وتخطط وتنظم الوقت، وأن تتقبل التغيرات الحتمية وتتعامل معها على أنها قضاء وقدر وأن تتواصل مع المجتمع للتخلص من دائرة الضغط النفسي وتنظم ساعات نومها ولاتتخطاها مهما كانت الأسباب وتمارس نشاطاً جسدياً مثل اليوغا أو الاسترخاء أو التأمل و لا بد من زيارة اختصاصي لطلب المساعدة.
إيفانا ديوب

المزيد...
آخر الأخبار