المرأة السورية في عيدها

يحتفل العالم كل العالم في هذه الأيام وبالتحديد في الثامن من هذا الشهر بمناسبة عيد المرأة العالمي , هذا اليوم الذي يعتبر تكريما للمرأة وتقديرا لإنجازاتها على الصعد كافة السياسية والفكرية والاقتصادية ودون الخوض في أسباب ومسببات تحديد هذا اليوم بالتحديد يمكن أن أقول إن الحديث عن يوم المرأة العالمي في عيدها هذا هو حديث عن المرأة السورية الأولى والكبرى عشتار ..
هو حديث عن ربة الجمال والخصب والحب.
كل هذا وذاك تمثّل وتجسّد أمامنا في شخصية المرأة السورية سيما في السنوات السبع العجاف الماضية من الحرب المدمرة التي طالت كل شيء من بشر وشجر وحجر.
المرأة السورية التي كانت أكثر المتضررين لا بل وكأن الحرب كل الحرب قامت ضدها فهي الأم والابنة والحبيبة والزوجة والأخت ..هي المشردة ..الحاملة على منكبيها وعاتقها وزر عالم قبيح يرفل بالفساد وبالخراب وبالتشوه ..عالم أفرز ما أفرزته أدواته الموغلة في الحقد والعفن من حرب جاءت لتحرق كل حقول قمح سورية وتلوث بياض حقول القطن بعفن الكهوف وظلام الكهوف.
عالم ساءه شدو بلابل صبح باذخ وأهازيج أطفال وزغاريد عرس هنا ومواويل عاشقة هناك ..فحشد ما حشده من قطعان ذئاب وكلاب مسعورة أطلقها في شوارعنا وحاراتنا وعلى أسطح منازلنا رفع رايات موت محرم في كل شرائع بني البشر.
المرأة السورية الموغلة في تاريخها الحضاري ..تاريخ من النضال والصمود في وجه قوى الشر والحرب سيما المحتل وتجسد ذلك عبر مراحل عدة آخرها إبان الاحتلال الفرنسي وما قامت به المرأة السورية من دور جنبا إلى جنب مع رجالات الثورة والتحرير آنذاك وكما هو معروف أن أول مظاهرة نسائية قامت بها المرأة السورية كانت في وجه الاحتلال الفرنسي عام 1920 وتتابعت مقاومتها بشتى الطرق والوسائل حتى نيل الاستقلال..والمرأة السورية هي الأولى عربيا على الأقل التي مارست حياتها السياسية متنقلة في مختلف المهام والرتب إلى أن وصلت إلى منصب نائب رئيس الجمهورية .
وما هذه المرأة اليوم إلا ابنة وحفيدة تلك المرأة المقاومة .. فمشت على خطاها في محاربة ومقاومة الإرهاب الذي ضرب البلاد والعباد ..
نعم هي المرأة السورية التي حولت بأنامل روحها كل رصاص العالم ودوي قنابله وصواريخه وآلات حربه المجنزرة إلى موسيقى وأناشيد وأسراب فراش فكنست بقايا سوادهم ووزعت على الشرفات ورودا وعصافير .
المرأة السورية التي وقفت بباب دارها مستقبلة جثمان ولدها الرابع الشهيد ملوحة بمنديلها الأبيض مزغردة وتطلق صرختها المدوية قائلة : أصبح لديّ أربعة شهداء وبقي ولدي الخامس وحيدا وهو فدى سورية ..هي ذي المرأة السورية في عيدها.
المرأة التي أرضعتنا حليب الانتماء والوفاء لوطن كان وما زال وسيبقى الأسمى فزفتنا شهداء أولياء وقديسين ..
إن الحديث عن المرأة في عيدها هو حديث عن الوجه الآخر والأهم لانتصاراتنا ..انتصار سوريتنا النور.
..حديث عن الحب والجمال والخير والسلام ..حديث عن النور والضوء والماء والخير كل الخير ..
المرأة السورية هي ذاتها التي تطلق كل أسراب الفراش ..العصافير.. تجاه نبضنا فتتركنا نجوما وأفلاكا وأقمارا ندور في مداراتها..نكتب القصائد علّنا نرقى ونرتقي بلغتنا قبالة بياضها الكثيف الكثيف )) .

عباس حيروقة

المزيد...
آخر الأخبار