لم يهبط من علٍ !

  خلصت الشتوية أو تكاد ، وما حصلت أسرٌ كثيرةٌ بمدن المحافظة وأريافها ، على الدفعة الأولى من مخصصاتها المقررة من مازوت التدفئة !.
  وأما كيف تدبَّرت أمرها وتعاملت – أو تتعامل – مع البرد القارس حتى اليوم وخصوصاً بالليل ، فذلك من قدرتها على التكيف مع الشدائد ، التي دفعت أغلبيتها لاستخدام مصادر الطاقة الحرارية البديلة ، كالحطب والفحم والبيرين أي تفل الزيتون المعصور والمصنّع قوالب أو دعابيل للتدفئة ، وكالأخشاب والعبوات البلاستيكية والأحذية العتيقة غير الصالحة للاستخدام البشري ، والكرتون المضغوط.
     فيما اتجهت الأسر الميسورة قليلاً إلى السوق السوداء لتشتري ماتيسَّر لها من المازوت بالسعر الحر ، كي تستعين به على البرد ، ولتتكبد نفقات إضافية على حساب أكلها وشربها !.
  دعونا نعترف أن هذا الشتاء كان ولما يزل قاسياً على السواد الأعظم من المواطنين ، في ظل سوء توزيع مازوت التدفئة لهم تارةً ، وفي ظل شح الوارد المتاح للمحافظة من مخصصاتها ، وهو ما انعكس على حياة المواطنين أسوأ انعكاس ، تجلى في ازدياد نسبة المراجعين للمشافي الوطنية والمراكز الصحية خلال الموسم الشتوي ، والتي تتباهى بتقديمها آلاف الخدمات الطبية والصور الشعاعية والتحاليل الصحية لهم ، في الوقت الذي ينبغي لها أن تفخر بعدم مراجعة أي مريض لها !.
  فازدياد الخدمات الطبية بكل أنواعها يعني من جملة ما يعني أن المراجعين مرضى ، وأن المريض موجوع ، وأن صحته ليست سليمة ، وأن علاجه يكلف مبالغ طائلة !.
والسؤال الذي نطرحه هنا مفاده ، متى ستحصل الأسر على المئة لتر الأولى ما دامت لم تحصل عليها حتى اليوم  ؟.
  والأسر التي حصلت على الدفعة الأولى من مخصصاتها – أي المئة لتر  – وانتهت خلال بضعة أيام من الموسم الشتوي متى ستحصل على الكمية المتبقية، هذا إن كانت ستحصل ؟!.
      دعونا نعترف مرةً أخرى ، أن إدارة هذا الملف كانت فاشلة من ألفها إلى يائها ، وأن الجهات المعنية بتوفير مازوت التدفئة للمواطنين وبتوزيعه ومراقبته ومحاسبة المقصرين أو المتلاعبين فيه ، لم تكن على مستوى جيد من الكفاءة ، بل علامة أدائها هي الصفر مهما تكن أسباب فشلها !.
      ونرجو ألاّ يتفهمن أحدٌ ويبرر ذلك الفشل بعزوه إلى الحصار الاقتصادي  وماشابه ، فهاهو المازوت ،  بل كل المشتقات النفطية ، تباع على قارعة الطرقات ، وببعض المحال ، والسر والعلن ،  وبالسعر الذي يفرضه تجار السوق السوداء !.
       وبالتأكيد هذا المازوت لم تمطره السماء ، ولم يهبط على باعته من علٍ ، ولم يستجره تجاره الصغار والكبار من المريخ أو أي كوكب آخر ،  إنه مازوتنا ، مازوت الأسر الفقيرة التي لم تحصل حتى اليوم على مئتها الأولى، ولن تحصل عليها كما يبدو ، فقد خلصت الشتوية أو تكاد !.

محمد أحمد خبازي 

 

المزيد...
آخر الأخبار