تتعدد المنابر الثقافية في المدن ، وفي ذلك من حيث المبدأ صحة وعافية . لكن المتمعن في مايقدم في هذه المنابر من نصوص أدبية تحت عناوين جنس أدبي معين أو في كثير من الأحيان دون تجنيس ، يدرك خطورة هذه المنابر وما تتركه من آثار سلبية على الثقافة العامة والخاصة معاً .
منابر ، لا يصح أن نسميها منابر ، هي في الحقيقة مقاه لا يمكن أن نرفق بها عبارة ثقافية ، عمد أصحابها إلى الاستفادة من الحالة في جلب زبائن وما ينجم عن ذلك من فائدة مادية بسبب استجرارهم لما يقدمه هذا المقهى من مشروبات ربما تصل إلى المشروبات .
ويتطوع أشخاص لا علاقة لهم بالثقافة لقيادة الحالة والإعداد لها كيفما اتفق ، ودعوة أشخاص هم في الغالب لا علاقة لهم بالأدب والثقافة ، ولكنه وهمٌ تقدمه مواقع التواصل الاجتماعي على طبق من ذهب . وكل المدعوين / الحاضرين هم مشاركون، له حصة في الصعود إلى ذاك المنبر .
وفي حوار لي مع امرأة خمسينية سبق أن شاركت في أحد هذه المنابر ، قلت لها :
علمت أنك تشاركين في ذاك المنبر ، منذ متى تكتبين الشعر ؟
فأجابت وبالحرف الواحد :
أنا لا أكتب الشعر .. ولكن فلان دعاني ، اعتذرت في البداية قائلة له أنا لا أكتب الشعر ولم يسبق لي أن شاركت في أي منبر .
فرد قائلاً :
قولي أي شيء .
تشجعت وشاركت ، صفقوا لي ، وأعطوني بطاقة شكر ، تصورنا ونشرنا الصورة على الفيسبوك ونلت إعجابات وتهان كثيرة .. شيء جميل ..!!
وقال لي أحد المرتادين الذين لم يتحملوا الحال :
مهازل حقيقية يا أخي .. بحق اللغة العربية .. هذا ليس أدباً .. والمشكلة في النهاية أنك مضطر لدفع قيمة الضيافة .
ويأتي من يسألك :
لماذا لا تحضر معنا ؟
كيف لي أن أحضر في واقع كهذا ؟ وهم سيعلنون أمام من يدعونه لاحقاً أن هذا الأديب أو ذاك يحضر معنا .
ونحزن أكثر ، ونحن نشهد حضوراً متواضعاً في منابر الثقافة الحقيقية التي تحترم نفسها ، وتحترم ما تقدمه في وجباتها الثقافية ، وعندما تعاتبهم على قلة الحضور يقولون لك :
لم نسمع بالنشاط .. لماذا لا يعلنون بشكل أفضل ..؟
أقول : المتابع الجيد يستطيع أن يعرف برامج نشاطات مراكزنا الثقافية وجمعياتنا الأهلية وغيرها من المنابر الجديرة بالثقافة ، وأهمها أننا نستخدم كلنا مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تبخل علينا بإعلان أو إعلام هنا وهناك عن نشاط يهمنا حضوره .
وبحضورنا ندعم النشاط والقائم به ، وندعو وإن بشكل غير مباشر إلى الاهتمام بثقافة تنعكس في سلوكنا وأدبياتنا ، ونحن أحوج ما نكون إليها في هذه المرحلة .
محمد عزوز