توقف سيارة التكسي أمامي بهدوء بالغ ولطف مستحسن ، نظرت إلى السائق لأطمئن فوجدت شاباً أربعينياً هادئ القسمات بهي الطلة ، جلست بجانبه بعد إلقاء التحية ورده المريح ، كانت المسافة تتحمل الحديث الذي تجاذبنا أطرافه بود جيد وأحياناً ضحكات مريحة، ولمست عند هذا الشخص ثقافة اجتماعية عامة جيدة ،تتزين بالتزام محترم، ولحديثه طريقة ناعمة تجذبك إليه ، حيث كنا قطعنا نصف المسافة تقريباً عندما أحسست بأن هذا الإنسان ممكن أن يكون في مكان آخر ويقدم عملاً آخر والحقيقة أني توجست سؤاله عن درجة تعليمه أو تحصيله خوفاً من إزعاجه وهو يتابع حديثه الشيق ناشراً الابتسامة في مكانها والرغبة لسببها والانتقاد يعقبه تعليل منطقي ، اقترب المشوار من نهايته فانتبهت للعداد المطفئ ، وبكل براءة وراحة وهدوء سألته: هل عدادك معطل… فجأة! طار الهدوء من وجهه ،ونشف الدم في عرق عينيه، وقفز الإيمان من جبهته، وانتهى الحديث الشيق، وتحشرج الصوت وأصبح ديناصورياً: (التسعيرة مع العداد مابتوفي يا أخ) ، ولا حول ولا قوة… وأخذ يبربر ويضرب كفاً بكف ، و كاد يأكلني غيظا، فانكمشت في مكاني والتصقت بالكرسي سائلاً نفسي بماذا أخطأت ؟ وتمنيت لو أني كنت في حلم ، و أنا أنظر بطرف عيني له ، و أقول في نفسي : هل هو نفس الشخص ؟
شريف اليازجي