آه .. لو يدرون ، أن العمر يروح بلا رجعة ، والقلب يموت بلا رجفة !.. لو كان معي قلمي في رحلة عينيك لما جئت غريباً يا وطني … أسرق في صرة أشواقي لحظات الوعد المشفوعة بالهيجان … لكنك غبت عني غياب المطر ، عن بوادينا الناضرة ..!
ورحلت عن الأحزان ، لتحدوك القوافل المشرَّقة إلى حيث المرعى ، والمراح والعشب ، وثغاء الخراف الشبعانة!
ها هو الخجل المرهون على حواف شفتيك تغيّر .. وصار كلاماً غريباً ، تتأوه بين رضابه حروف اللقاءات ، وتنهار بين لهاثه الرّطب قصائد الشعراء .
قايضني هجرك يا هاجرتي» ساومني خلاني ..! آه .. لويدرون كيف كنت مشلوحاً فوق شواطيك الرملية ، مجذافاً ، ومحاراً ، صدفاً وشراعاً ، أغنية بحرية .. وبعدها . خيّرني طيفك يا شفقيّة الملامح ، أين أضيع بهذا العالم ، عيّرني أحبابي ، ويلي لو يدرون !
رغم القلب الغائب ، حضرّت حنيني إليك ، شيّعت دروبي التي مشيتها ، ودوَّنت في دفترك اليومي حضوري الملوع ونضبت بعدها ينابيع الشوق ، تلاشت في ذاكرتي ..
يا أنت يا ريحة» ضفائر الجداول المندّاة بحبق الأمسيات وزيزفون المفارق التائهة !
في كهف غيابي .. وطني وشمّ في كلماتي ، رؤيا في صلواتي ، ابتهال في حمّى تضرعاتي في صباحاتي .. ومساءاتي ، آه… يا وطني … ! غيرت دروبي ، وذريت بيادري ، ورحت ألهث كالمطرود من قسوة أعراف العشيرة ، وحيداً موحداً ، ليس معي غير عنادي الفطري ، وشراستي ، جندلي فرسي في معركة الشوق الأول ، سرقوا سيفي وعتادي ، داسوا … فوق ضلوعي بحوافر خيلهم المجنونة ، وغادروا … شتتوا .. كون خرافي..!
متشح بالحزن .. ألفلف أحلى كلماتي ، أدفنها عبر جنون الخوف ، وحمى الرجفة ، أمي شالتني في صرتها ، زمن الجوع الخصب ، رمتني … طفرة ليل مرعب ! وراح الهمّ ينمو في جسدي ، وتنام على العشب اليابس، أحلام التعساء ، تحلم بالأمطار ، والعشب واخضرار الأرض التي شقفها المحل الأصفر تتمنى الرذاذ … الريح المحمّل بالرطوبة … تتشهى صخب الرعد ، واللمع ، وقوس قزح ..!
يغفو .. وجهك بين ضلوعي ، ياناهبة اللحظة كفي عن أشعاري ، هذا زمن يفلت من بين أصابع أحلامي .. ، شاغلني ناطور الكرم وهدّدني … خصلة حبّك .. ما لانت بين يديّ جديلة نام الناطور ، ولم أسرق من داليتي إلاّ خوفي.
خضر عكاري