صـــوت الفــــداء : اقتصاد الفقراء ..

في حالة الحصار الاقتصادي الخارجي الظالم على بلدنا ومحدودية الموارد فإن المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة تبدو مدخلاً مهماً لزيادة الإنتاج وتأمين الاحتياجات وخلق فرص عمل وقيام استثمارات ناجحة تكون نواة لنهضة اجتماعية واقتصادية شاملة.
ورغم أن الحكومة عملت على هذا المشروع قبل الأزمة من خلال تقديم سلة فرص ومحفزات وإحداث هيئة مكافحة البطالة  ولاحقاً تغيير اسمها لتصبح  هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ورغم نجاح عدد من المشروعات وتحولها من صغيرة إلى متوسطة إلا أن المشروع بشكل عام لم يصل إلى مستوى النجاح المقبول ، ثم جاءت الأزمة وما نتج عنها من تراجع بنقص التمويل وعدم توافر عامل الاستقرار وغياب خارطة تحدد أولوية المشروعات الأكثر حاجة .
وبعد تجاوز الأزمة والدخول بمرحلة إعادة الإعمار فإن ذلك يتطلب التركيز على هذه المشروعات لتكون نواة للزراعة والصناعة والسياحة والاقتصاد إلى جانب المشاريع الكبيرة ، خاصة أن المشروعات الصغيرة تمتلك مزايا كبيرة وقدرة على التطور من أهمها إنها لا تحتاج إلى رأسمال كبير يمكن أن تبدأ من 100 ألف ليرة ويزداد التمويل مع تطور المشروع ومخاطر عدم التسديد ضعيفة بعكس المشاريع الكبيرة  ، كما أنها لا تحتاج إلى أمكنة واسعة إذ يمكن أن تكون في المنزل مثل ماكينة خياطة أو في حديقة منزلية للزراعات الأسرية أو تربية أبقار أو حرف ومهن يدوية مثل فرن تنور أو شغل الصوف اليدوي أو تصنيع يدوي لمنتجات غذائية وغيرها .
كما إنها توفر فرص عمل متممة تبدأ بالإنتاج والتعبئة والتغليف والتسويق والبيع بخلاف  المشروعات الكبيرة التي تعتمد الآلات على حساب العامل البشري وفي قراءة بانورامية لواقع المشروعات الصغيرة والمتوسطة نجد أن الكثير من الجمعيات الأهلية بدأت بتشجيع هذه المشروعات إلا أن طريقة الاستفادة تثير التساؤلات حيث إن العديد من المواطنين لا يعلمون بها إلا بعد انتهاء مدة التقديم للاستفادة رغم حاجتهم الماسة وامتلاكهم لأفكار مشاريع مهمة ، كما أن الضمانات التي تطلبها المصارف والجمعيات للحصول على التمويل تمثل عقبة في وجه تنفيذ هذه المشروعات مع العلم أن دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع تعتمد كضمانة في الدول التي نجحت بمثل هذه المشروعات وساهمت في نمو الناتج المحلي الإجمالي .
بقي أن نذكر أن الفقراء حسب إحصائيات مصارفنا المحلية هم الأكثر التزاماً بتسديد القروض التي حصلوا عليها بعكس الأغنياء حيث تنخفض نسبة تسديد القروض ، وإن كثيراً من الصناعات الكبيرة في العالم بدأت صغيرة وأصبحت شركات وماركات عالمية .

* عبد اللطيف يونس 

المزيد...
آخر الأخبار