هذا الصباح يعجُّ بالحركة، بعضُ عصافير تُنَقرُ زَهرَ اللوز ، ويمامة ترتقي بهديلها ، صُوفيَّةَ الضّباب المتواري بعيداً …!
كفلول جيش مُنهزم لا يعرف جنوده، إلى أيّة جهة يعبرون ؟ بيرقهم مزَّقته « البوازي» الحائمة …في فضاءات المعارك الخاسرة ..
جثثُ متروكة هنا .. وهناك ، وبعض صُراخ ، وأنينٌ يتهادى ، وبركةٌ من الدماء ترسمُ شكل جنونها !
وقطيعُ من الذئاب تستريح لاهثةً على حافّة الجرف المطلِّ على ساحة المعركة، ناطرةً نهاية القتال ، والتَّقاتل …
« إنَّ اقتتالنا على السماء أفقدنا الأرض ، وما دمنا نقتتل من أجل السماء فلن نربح الأرضَ…
« يليق للضَّفاف المندّاة بلهاث الغيوم، أن تولم للخراف الجائعة ، وجبةً من الأعشاب ، وساقية من الماء يا « شقية» ما زال الأنين ، معزوفة الأرامل ،
وراحة بالٍ للذين فقدوا أزواجهم وبعض أولادهم ، ومتاعهم وأغراضهم ، في حرب وحروب غير متكافئة ٍ..
« غنْدِري» ما شاء لك مُتسَّعٌ من العناد لعبورك الضّاجّ بالعطر ويا لريحة يديك المشغولتين بعجين كعك العيد …!
حبتّان من السمسم ، واحدة على خدِّكِ المعجون بالعرق، والمفروك بأصابع الإنهماك والحيرة واللامبالاة.. وسُمسُمة تتلهى لهّافة على طرف .. الشَّفة السّفلى..! قلبي المتوهج يراقصها ، كلما اشتقت للغناء ، أو توّلاك حُلم ابتسامة مفلوتةٍ.. غفلةٍ من شباك الوشاة الراصدين عن قصدٍ دروبنا … والخانقين حسداً أو غيرةً بعض مواعيدنا التائقة .. وداهمت بعد غمزه راعشةٍ،راغبةٍ من عينيك ، شفتيك ، ونلتُ منهما، حتى عبّأت صدري بحفنة من الضحكات، وبعد هذا .. وذاك ، لمّتنْي كطفلِ صغير « مفطوم» عن الرضاعة .. بحضنها ، ثم غفوتُ ..!
-ما بين النهرين ، صدى الحضارات وتراث مضيء ، حمل إلى العالم « شعلة نار التوهُّج والارتقاء…!» وتهامس النخيل لاحتضان لوعة الصّنوبر والأرز ، وعانق « دجلة « حنين نوارس البحر السوري ، ودجاجات « قبرص» التي ضيَّعتْ و- مُرغمةً- ديكها ..!
هاهي سامُرّاءُ « تغسل وجهها « المحروق ، المهبّش « من بقايا انفجارات عاتبة ودخان حرائقها ، وصلتْ ، تُبلَّغُ رسالتها إلى « شجر الحور.. والغرب « الخائف على شفة « الفرات» الدّائخ من عبور « النشامى» الغائبين ، أو المغيَّبين « قصداً عن شيل الحمل وبعض العذاب والمعاناة عن أهلهم في العراق.
خضر عكاري