تحدثت د. بشرى عباس، وهي أستاذة في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق . ودكتوراه في علم الجمال, عن وحدة الأضداد في الفكر الصيني, فقالت:
يقوم التفكير الصيني على النظر إلى الحياة و الإنسان، و الوجود بأكمله، على أنّه نتاج حركة قوّتين ساريتَين في كلّ مظاهر الوجود، هما ( يانغ_ يِن) : الموجب و السّالب، المذكّر و المؤنث.
هاتان القوّتان على تعارضهما مُتعاونتان و لا قيام لإحداهما في معزلٍ عن الأخرى. فإذا غلب اليانغ في دورانه على اليِّن نَجم عن ذلك كل ما له صفة الموجب، و إذا غلب اليِّن نَجم عن ذلك كلّه ما له صفة السّالب.
و هكذا تقف الأقطاب في تقابل: الخير و الشّر، النّور و الظلام، الحياة و الموت، الذكر و الأنثى، السّماء و الأرض، العلوّ و الانخفاض، الحرارة و البرودة، الجفاف و الرطوبة، الحركة و السّكون، الحظ الطيّب و الحظ العاثر .
هذه الأقطاب ليست في صراعٍ مع بعضها من أجل سيادة واحدها على الآخر و إلغائه، بل إنّها تنشأ معآ و يتّخذ كلّ ضدّ معناه من ضدّه. حيث لا نور بلا ظلام، و لا خير بلا شرّ، و لا حياة بلا موت، و حيث الوجود و كلّ مظاهره في حالة ( تناوُب تلقائيّ ). فإذا بلغ اليانغ أعلى قمة له في الارتفاع تحوّل إلى اليِّن، حتى إذا بلغ اليِّن أعلى قمة له في الانخفاض تحوّل إلى اليانغ مرة أخرى، و هكذا إلى ما لانهاية في دورةٍ ذاتيّة.
من هنا، فإنّ الحكيم هو الذي يُدرك صيرورة الأحداث في العالَم، و يرى في كلّ مظهرٍ لليانغ بذرة ينٍ تنمو في أعماقه، و في كلّ مظهرٍ لليِّن بذرة يانغ تنمو في أعماقه.