أعطِ الخباز خبزه

من يطلع على الأمثال الشعبية التي يتداولها الناس يجد كثيراً من الحكم والأمثال التي يتناقلها الناس من التراث الشعبي، ومن التجارب التي ثبتت صحتها، وعندما نقول: أعطِ الخباز خبزه، يعني ذلك فتش عمن كان بها خبيراً ولا تعتمد على من كان بها جهولاً، فالخباز الجيد والخبير يعطي الناس خبزاً ناضجاً لاتعليق عليه أبداً، بينما الذي يعتدي على الصنعة دون خبرة لايستطيع أن يقدم شيئاً نافعاً للناس، بل يشكل عبئاً على الناس والصنعة معاً، وهذا ماينطبق على كل من يتسلم موقعاً غير أهل له، وينطبق على كل من يعتمد على إنسان غير جدير بالاحترام ، فالعامل الذي لا يتقن عمله جيداً ، والفلاح الذي لايعتني بأرضه، والموظف الذي يتهرب من الدوام، والمدير الذي يمضي وقته في مكاتب المسؤولين ويلهث وراء بقائه واستمراره في موقعه، كل هؤلاء لايستفيد الوطن منهم أبداً، بل ينظر إليهم عبارة عن نواطير لا أكثر ولا أقل، ليس لهم علاقة بالإنتاج وبالتالي لايستفيد الوطن منهم البتة ، قاتل الله العلاقات الشخصية والمصالح الآنية كم هي مضرة في المجتمع ، تسبب كثيراً من المطبات والارتكاسات التي تحرج الداعم والمدعوم في الظروف الصحية فكيف في الظروف الصعبة التي إذا ما استمرت تكشف المستور يوم لادعم فيه ولا مدعوم، يوم يبقى العمل المنتج وحده الذي يشفع للإنسان المتقن عمله والمحب لوطنه حيث لا حماية لمسيء، ولا دعم لمن لا يعمل، فالمظاهر تزول أمام أول امتحان في ميدان العطاء ، هكذا علمتنا الحياة، وهكذا علمتنا التجارب الحية التي عشناها في مجتمع لا يخفى عليه شيء ، فمن يريد أن يصنع من الجهل علماً يسبح في خيال وسراب لا حدود له، لذا من الواجب أن يفرز كل شيء بوضوح ، ويوضع كل إنسان في المكان المناسب ضمن إمكاناته المتاحة بعيداً عن العلاقات التي تعتمد على المصالح الخاصة والوساطة التي لا تعطي الكفاءة أهمية، متجاوزةً كل المعايير الموضوعية، فالكرسي لايصنع كفاءة ، والموقع لايعطي فكراً، كما أن الأناقة لاتخلق كاتباً ، والشاعر لايمكن أن يكون صحفياً، ويقال أعطِ الخباز خبزه…

أحمد ذويب الأحمد

 

المزيد...
آخر الأخبار