ولد الفنان صفوان داحول في مدينة حماة، وقد انتسب فيها إلى مركز سهيل الأحدب للفنون ، ثم تابع دراسة الفن في كلية الفنون في دمشق، بينما حصل على الدكتوراه في التصوير في بلجيكا عام 1997. تحمل أعمال داحول الكثير من الملامح التاريخية وذلك من خلال الملامح الفرعونية التي تظهر في عيون المرأة التي يرسمها، إلى جانب تأثير الحضارة الرومانية من خلال أشكال الأصابع.
المرأة والرجل
تعتبر المرأة الفرعونية الملامح من الثوابت التي لا تفارق لوحات داحول، فهي تجلس على كرسيها وتنحني على بعضها بعضاً أو تقف على نافذة مفتوحة، لا تغيب عن اللوحة حتى حين يتعمد تضخيم الوجه، فنرى ملامحها بوضوح. لكن هذه المرأة كانت لها محطات مع الرجل الذي يظهر ويختفي في أعمال داحول، فنجده يساندها ويكون الى جانبها أحياناً، بينما يتركها وحيدة في أحيان أخرى.
لوحات ملونة
على الرغم من حرص الفنان السوري صفوان داحول على استخدام لغة لونية معتمدة على الأبيض والأسود، والتي جعلها أقرب الى الرمادي اليوم، فإنه في مراحل سابقة قدم مجموعة من الأعمال الملونة التي كانت تحمل صياغة لونية ثابتة أيضاً، إذ نجده يميل الى الخلفيات المائلة إلى اللون الأصفر مع الأزرق في اللوحة.
لاحقت داحول اتهامات بالتكرار بسبب حفاظه على لغة لونية تقوم على التقشف، إلا ان هذا الاتهام لم يؤثر فيه، فيشير الى اختلاف كبير بين التكرار والاحتمالات، فالمبدأ الذي يرافق أعماله هو الاحتمالات المتعددة، وفي كل عمل هناك آلاف الاحتمالات. وأضاف «أتبع الفكرة في العمل، ولا أميل إلى أن أكون ديكتاتوراً وأفرض على الفكرة نهاية حين تنتهي اللوحة، بل أسير مع الفكرة عبر سلسلة لوحات». وشدد على ان الفكرة التي يقدمها قابلة للتمدد مع الزمن، ويحتاج الى ألف سنة إضافية كي ينجزها، فالفن عمره آلاف السنين ويستمر لأنه يحمل قابلية التمدد، حتى الفنون الحديثة والمعاصرة لها مصدر سابق، وهي استمرار لما قدم قبلها. وأشار الى أن العمر الافتراضي للفنان ينتهي جسدياً أحياناً، ويأتي من يكمل أفكاره من بعده، وهذا لا يمكن إلا حين تتابع الفكرة. ورأى داحول وجود أسماء عالمية قدمت فكرة واحدة طوال مسيرتها الفنية، متسائلاً ان كان من الممكن اتهامها بالتكرار. وأكد أنه في البداية كان هذا الانتقاد يزعجه قليلاً، خصوصاً أنه يضع أعماله في معارض فردية، فاللوحات تتجاور، كما أنه قدم كتاباً يوضح فيه الاحتمالات التي يقدمها والتشابه والاختلاف مع أسبابهما، أما اليوم فلا يتأثر بهذا الكلام، بل يمضي في أعماله التي تعبر عن الفكرة التي مازالت تحتمل الكثير.
أما المرأة التي رافقته في الأعمال، فقد تحولت الى الراوي الذي يقدم من خلالها ذكرياته، كأنه يروي مجموعة من الأحداث، بينما في المقابل يأتي البناء الهندسي، اللغة التي يعتبرها داحول لغته الواضحة والمسموعة والمرئية «ففي النهاية هي أمور تقنية وبصرية، والزوايا والانحناءات وكل ما أقدمه تشريحياً لا ينتمي للواقع، بل لغة رمزية عالية».
إلى جانب المرأة التي رافقت داحول في أعماله، كان عنوان حلم مرافقاً له أيضاً، وقال بهذا الخصوص «لا أحب أن أفسر للمتلقي، أحترمه وأفرح حين استمع الى ما لم أكن أراه في العمل، وهذا أمر يرتبط بالفنان وأسلوبه». أما في المعرض الأخير فقد استبدل داحول «حلم» بعنوان «كأنه حلم»، لأنه وجد الواقع أقسى بكثير، وأن ما يحدث لا يمكن ان يصدقه أو يحتمله اي إنسان.