استطلاع الفداء : مــاهـــي أســـباب عـــزوف الشـــبان لـــلارتبـــــاط؟

 

هل هي الأوضاع الأمنية التي أفضت لمشكلات اجتماعية كثيرة، أم أنها الظروف الحياتية وانشغالات كلا الجنسين هي التي منعتهم من الارتباط، أم صار شعاراً يعشن به هي صرخة تردَّدت على لسان العديد من الفتيات، فعلى اختلاف حالاتهنَّ الاجتماعية وطبقاتهنَّ الاقتصاديَّة، ومستويات الوعي الفكري لديهنَّ؛ إلا أنهنَّ اتفقن على عدم الرغبة بالزواج والعزوف عنه، فما أسبابهنَّ، وما المواقف التي دفعتهنَّ لاتخاذ هذا القرار الصارم؟

تجارب أمام العين
ترى أميمة حسن مدرسة : أنَّ السبب الرئيسي لرفض الفتيات وعزوفهنَّ عن الزواج هو ترسب عقد في مخيلة الفتاة، ظهرت نتيجة أب أو أخ متسلط، وكثيراً ما يكون نتيجة أب عنيف سيئ الخلق مع الأم؛ فتتكون وتتراكم لديها صورة سلبيَّة عن الذكور عامةً، وبالتالي تمتنع عن الارتباط
وتضيف :إنَّ إحدى أعز قريباتها، التي تحتل مكانة عميقة في نفسها، عازفة عن الزواج بشكل مخيف، والسبب مشكلات الوالدين، ما أثّر في رأيها سلباً، وترك لديها انطباع الخوف من المستقبل، فتفرغت للدِّراسة، ولديها مشاريع مستقبليَّة، تدل على نضجها وذكائها الحاد، وتضيف: سبب آخر أراه متفشياً، هو أنَّ بعض الفتيات يفكرن في الرفاهيَّة أكثر من تكوين عائلة، وللأسف ما زالت حتى اليوم بعض الفتيات ترى في عريسها رجلاً يحقق لها كل أحلامها، أو «السوبر مان» بمعنى أصح.
تعسف
رزان مقداد مهندسة بعض الدروس التي علقت بذاكرتها من تجربتها، التي عانت منها لثلاثة عشر عاماً، حتى استطاعت الانفصال والطلاق، فقالت: أولاً وقبل كل شيء كون الأنظمة في غالبيَّة الدول لا تُنصف المرأة، إضافة إلى ظلم بعض الآباء في اختيار الذكور غير الأكفاء لبناتهم، الذين لا يستطيعون إعالة أسرة، وهم بدورهم عالة على أهاليهم. كل ذلك يحدث رغم التطور الهائل الذي وصلنا إليه.
عدم الشعور بالأمان
بينما تعتقد سمر حسين أنَّ السبب الرئيس في عزوف المطلقات، وعدم رغبة بعض الأرامل، هو عدم وجود الأمان مع الرجل؛ إذ يستطيع أي رجل أن يتزوج على زوجته، ويهمل حقوقها أو يطلقها من دون سبب يُذكر، أضف إلى ذلك عدم وجود القوانين، التي تحفظ حقوق الزوجة، وإن وجدت فهي لا تطبّق فعلياً.
الانتقام
وتقول ميساء (35عاماً)، ربة منزل: «إنَّ المرأة المطلقة تعزف عن الزواج ثانية، خوفاً من تهديد زوجها لها، فبعض الأزواج لديهم عقدة الانتقام، ولايدركون معنى الطلاق بإحسان، ففي تجربتي الشخصيَّة، وعندما بدأ طليقي يهدِّدني بانتزاع أبنائي من حضانتي، تنازلت عن حضانتهم، حتى أعيش بسلام بعيداً عنه، وبعد مرور سنوات، تزوجت ممن وافقني فكرياً وأخلاقياً، وتزوج طليقي مرَّة أخرى، ومع ذلك لم أسلم من تهديداته التي مازالت تلاحقني بلا سبب.
تطور الحياة العصرية
ويرى المحامي منير عيد أنَّ السبب الأبرز لتفشي عدم الرغبة في الزواج هو طبيعة الحياة العصريَّة، وتوسع مدارك الثقافة، التي يطلع عليها كل من الشاب والفتاة، ما أوجد لهم طرقاً أخرى في التفكير، وفي النظر إلى الحياة، وفي تعامل كل طرف مع الآخر، فيما يرى منصور عبيد بأنَّ السبب الأبرز يكمن في التقاليد، التي لا تتيح الحريَّة للفتاة أو للشاب في اختيار الطرف الآخر بعناية، فيفضلون البقاء من دون زواج، فضلاً عن المخاطرة والدخول في تجربة قد تكون نتائجها تدميريَّة على الشخص.
الظروف الاقتصادية
سعد شحادة يرى أن الحق على الرجل ويضيف: «الزواج حاجة ملحة للطرفين، وللعوامل الاقتصاديَّة دورٌ كبير في قدرة المرء على الزواج، وكذلك الانفتاح الذي أدى إلى ردود فعل سلبيَّة، فكل زوج يريد هيفاء وهبي، وكل زوجة ترى براد بيت، ومعرفة المرأة بحقوقها جعلها تصطدم مع استحواذ الرجل ورفضها لسلطته المطلقة، خصوصاً إذا كانت مبنية على ترسبات جاهليَّة لا تمت للوقت المعاصر بصلة، وللمرأة احتياجات، لايستطيع الرجل العربي المعاصر أن يقدمها لها، فهو طمَّاع ومهووس بقصص ألف ليلة وليلة والجواري، وهذا ما يجعله يبحث عن متع رخيصة، وبالتالي هدم الحياة الزوجيَّة.
أما علماء النفس فيقولون إنَّ ظاهرة عزوف الفتيات وعدم رغبتهنَّ بالزواج ترجع إلى أسباب مختلفة ومتشعبة، لخصها كالتالي:
– عدم استقرار أسرهنّ، وهي ترى ما يدور في البيت.
-سوء تعامل والدهنَّ مع والدتهنَّ.
-ظنهنَّ المسبق أنَّ بعض الشباب لا يتحملون المسؤوليَّة.
-ما يسمعن من بعض صديقاتهنَّ المتزوجات من جفاء حاصل، ويوجد للأسف في أغلب الزيجات، ووجود بعض المطلقات في العائلة اللاتي يروين تجاربهنَّ الفاشلة.
أغلب الفتيات يبحثن عن الحريَّة في الدخول والانصراف من المنزل، وهناك من الفتيات من يرين أنَّ الزواج قيد، وقد يكون تفوق الفتاة سبباً، فتفضل التفرغ للدراسة ثم الوظيفة، وترى أنَّ الزوج يعيقها عن أهدافها، وقد تحصل الفتاة على درجة علميَّة ومهنيَّة معيَّنة، فلا تجد من يستحقها أو من يرضي غرورها.
-بعض الفتيات لا يردن، والأخريات لا يرين في أنفسهنَّ القدرة على تحمل مسؤوليَّة الزوج والأولاد، وقد يكون السبب معيشة الرفاهيَّة والترف في بيت أهلها، ما يمنعها من المغامرة بتحمل المسؤوليَّة وخوفها من فقد تلك المعيشة.
– نشوء بعض الفتيات في مجتمع ذكوري، فلا تتعلم ولا تدرك واجبات الزواج.
– قد توجد لدى الفتاة أمراض وعيوب نفسيَّة لا تعلم عنها، إضافة إلى انعدام الثقة في الشكل أو في القدرات أو في الجنس الآخر، والخوف من الخيانة بعض الأحيان.
– تقليد الغرب في مسألة أنَّ المرأة أصبحت قادرة على العيش من دون الرجل، والاكتفاء بالعلاقات العابرة، كما أنَّ الإعلام وضع مواصفات خياليَّة لفارس الأحلام وصدقته بعض الفتيات.
ازدهار صقور

 

المزيد...
آخر الأخبار