أدب الذكريات .. أمي الروائية …لم تكتب حرفاً

تستيقظ فجراً لتتوضأ طهراً وبهاء ,ثم تصلي وتكثر من الدعاء بالخير والتوفيق لأبنائها إلى أن توسع الدائرة لتصل إلى الأمة العربية والإسلامية ,وتفتح المذياع على إذاعة دمشق الساعة الخامسة والنصف صباحاً ليفتتح بالنشيد العربي السوري وبعدها تلاوة من القرآن الكريم ,فقد حفظت أسماء المقرئين من الشيخ محمد رفت حتى الشيخ عبد الباسط عبد الصمد ,ثم يأتي وقت الحديث الديني الصباحي من الشيخ عبد الستار السيد إلى الشيخ مروان شيخو ومن بعدها في الساعة السادسة والربع وقت الأخبار تصغي لأدق التفاصيل التي تحدث بالعالم من الثورة في نيكارغوا في ثمانينات القرن الماضي إلى الإطاحة بشاه إيران إلى انهيار جدار برلين ومن ثم تفكك الاتحاد السوفيتي بعد ذلك.
بحسها العفوي تحاول أن تحلم بعالم السلام والأمان.. عالم بمستقبل زاهٍ وتتعوذ من خطر قادم يتربص بالبشرية من قوى الشر المتمثلة بالصهيونية العالمية,وهي تطاردها بلعناتها .
تتقن سرد فن الحكاية الشعبية والمعاصرة بشغف وحرفية ,تنتقل من حدث إلى حدث وكأنها تنسج خيوطاً درامية وبشكل تصاعدي لتصل لذروة الخاتمة ,وهي تحمل مخزوناً هائلاً من الأمثال الشعبية التي كادت أن تندثر ,أمثال شعبية تعمق الحدث وتعطي مصداقية لمنطوق كل شخصية .
آه …نسيت أن أذكر بأن أمي – رحمها الله – كانت تحفظ القرآن غيباً ,ولكن للأسف لا تستطيع كتابة اسمها (الحاجة خالدية الجمال) غادرتنا بعد عمر تجاوز ثلاثة وثمانين عاماً وهي واقفة مثل أشجار بلادي .

 محمد أحمد خوجة

المزيد...
آخر الأخبار