كنت قد نشرت في العدد (54) من مجلة معهد المخطوطات، ج2، سنة 2010 نقداً واستدراكاً لـ ((شعر المخبّل السعدي)) الذي جمعه د. حاتم الضامن، ونشرته مجلّة المورد، مج2، ع1، 1973. ثم نشره في كتابه الآخر الصادر سنة 1987 م باسم ((شعراء مقلّون))، ثم نشره مرة ثالثة في كتاب سمّاه ((عشرة شعراء مقلّون))، الصادر سنة 1990 عن جامعة بغداد.
وقد استدركت على عمله هذا أشعاراً كثيرة، ووقفت فيه على هنات وتصحيفات، وقلت عنه: ((فقد جاء عمله آية من آيات التعجُّل والتسرُّع، وهما آفتا كل عمل…)).
وكان ((شعر المخبّل السعدي)) قد نشر في ((شعر بني تميم)) لجامعه عبد الحميد المعيني (1983)، وأعد ((بسام الزعبي)) رسالة الماجستير بإشراف أستاذنا الدكتور عبد الحفيظ السطلي، في جامعة دمشق، درس فيها شعر المخبل وجمعه.
ثم إنّ أحدَ الأصدقاء في العراق أرسل إليّ صورة عما كتبه الدكتور ((سامي علي المنصوري)) ينقد ما كتبته عن الضامن وعن جمعهِ شعر المخبَّل، وحاول فيها تنصيب نفسه محاميًا يدافع عن ((الضامن)) رحمه الله، وعن عمله، وجاعلاً من نفسه منظِّراً من منظّري هذه الأمة، وما أكثرهم! و((لكن أكثر الناس لا يعلمون)) فكتب مقالة سمّاها ((النقد التراثي وأخلاق النقد)) ولكم كنت متردّداً في الردّ عليه وتبصيره بالحق. وقد جاءت هذه المقالة بعد نشر بحثي بخمس سنوات تقريباً. وفيما يأتي بعض الهمسات التي أودّ أن أضعها في أذنيه:
1. من خوَّله أن يدخل إلى قلوب الناس ليحاسبهم على نواياهم؟
فقد قال: ((إن الدكتور السراقبي إن كان يضمر أمراً وراء هذا النقد، وهو أمر محتمل جداً…)).
وأقول له: إنني لا أضمر أمراً، ولكنني أظهر أموراً ومعايبَ وأوشاباً علقت بالمجموع الشعري الذي قدّم الضامن شيئاً منها في نشراته المتتابعة. وقد أقررت أنت نفسك بأنه أعاد نشر المجموع الشعري مرة في كتاب سمّاه ((شعراء مقلّون)) ثم عدّل العنوان لينشره في كتاب آخر فأضاف كلمة ((عشرة)) إلى أول العنوان، ليصبح ((عشرة شعراء مقلون))، فما رأيك أيها المنظّر؟
وهل قارنت بين ما نشره أول مرّة وبين النشرتين الأخيرتين؟ إنها نزعة التكثّر في النشر والتكسّب فيه أيضاً.ولعلّي أعرّفك – إن كنت تجهل ذلك- أنّ الضامن قد أخرج آثاره كلّها مستغلّاً عمله في مركز جمعة الماجد، من غير أن يعدل فيها شيئاً.
وأضيف إلى معلوماتك أنني لم أنقده فقط في جمعه شعر المخبّل، ولكنني نقدته في تحقيقه كتاب ((الحَلبة في أسماء الخيل)) للتاجي، الذي نشره في مؤسسه الرسالة، ونُشِر نشرة أخرى غير نشرته في نادي الرياض الأدبي، وقد استدركت على نشرته صفحات وصفحات، وما ذلك إلا لأنه يتعجّل في إصدار كتبه، ليقول: سبقتُ وسبقتُ، وأنا أولُ…
ثم من قال لك: إنني لا أعلم أنه محقِّق ((الزاهر))، ومحقق الناسخ والمنسوخ، ومحقّق كتب في اللحن، ومحقق ((مشكل إعراب القرآن))، ولكن أعتقد أنك لا تعرف أنها عندي، وأنني كنت –وللأسف- أتلقّف أي كتاب يحقّقه ظنّاً مني أنه ممن يحسنون التحقيق؟ ولكن لتعلم أنها حققت غير مرة، تحقيقاً يشبه تحقيقه أو يزيد عليه. ولكن يا عزيزي: التحقيق شيء والوراقة شيء آخر.
2. ما الذي دفعك إلى التنطّع والتنطّح للدفاع عنه؟وأنت تعلم أنني لم أعرض لشخصه الكريم لا قبل وفاته – رحمه الله – ولا بعد وفاته، وما قلته كان منصباً على عمل أمامي، ألك في هذا غاية التقرّب ممن هم على صلة به؟! وأنا أعرف – من خلال محيطك- أنك لست على وفاق معه، وأنّ بينكما ما صنع الحدّاد.
3. كان عليك أن تلوم مجلة معهد المخطوطات التي نشرت هذا البحث، وليس لك أن تلومني، بدعوى أن البحث قد مضى عليه 37 سنة. وهل البعد الزمني يمنع من نقد أثر ما لم يقوَّم؟ لست أدري من أين أتيت بهذه الفكرة؟؟
وإذا كان ذلك كذلك فبحثي نشر من (5) سنوات تقريباً، فما الذي جعلك تنتظر كل هذا الوقت لتدبّج مقالتك العصماء (!) في النقد التراثي وأخلاقه!
أقول لك: أنا نشرت ((شعر أبي وجزة السعدي)) في مجلة معهد المخطوطات سنة (1990)، وكنت يومها في مرحلة الماجستير ثم نشرته سنة (2000) في المجمع الثقافي في أبو ظبي نشرة تجاوزت النشرة الأولى التي كانت في حدود (70) صفحة ليس غير، وهو أول عمل لي في جمع الشعر. ثم نشرته نشرة أخيرة سنة (2010) في وزارة الثقافة بدمشق، نشرة بزّت ما سبق، فهل تريدني أن أبقي على ما كتبته أوّل مرة وما فيه من هنات لا أنكرها.
وأقول لك أيضاً: هل لمت رجب عثمان محمد على نشره كتاب ((ارتشاف الضرب)) لأبي حيان الأندلسي في طبعة جديدة تقرب أن تكون صحيحة سليمة، وهي تتجاوز نشرة (مصطفى النّماس) المنشورة قبلها بسنوات !!
هل تعلم أن العلّامة عبد العزيز الميمني قد نشر ديوان حميد بن ثور الهلالي قبل عشرات السنوات، واستدرك عليه د. رضوان النجار كثيراً من الشعر، ونشره ضمن مستدركاته على شعر المجموع لعدة شعراء.ثم جاء الباحث الجاد الدكتور محمد شفيق البيطار ليضع له ديواناً يتجاوز ما جمعه الميمني وغيره، وصنعه أيضاً على عين أستاذنا الدكتور عبد الحفيظ السطلي,حفظه الله.
4. لعلّك ممن يحبون أن يتقّيؤوا قول القائل: ((ما ترك الأول للآخر شيئاً))، فخبّرني بربك: لمَ صنع الجرجاني وساطته؟ ولم صنع الآمدي موازنته، أنا من الذين يؤمنون: إن أشياء كثيرة تركها الأول للآخر غير الكسول.
5. من المؤسف جداً أن أقف في مقالتك العصماء (!) على ترداد كلمة (ينبغي)، وهي من ألفاظ الوجوب، ولا أدري: أين تعلّمت ذلك؟ ولو قلت: يحسُن به، أو يؤمَّل منه، أو يُفَضَّل، وغير ذلك من عبارة تعكس لطف صاحبها.
6. ولكن من المؤسف حقاً، وأنت أستاذ كما عُرِّفَ بك في زاوية مقالتك (!) أن تجهل مواضع كسر الهمزة وفتحها، فانظر إلى السطر الأول وفيه: ((الأساءة)) وانظر سط (12) ((الأعدادية))، وفي الصفحة الثانية ((الإستدراك)) وفي سط (23): ((إلى القول: أنّ…))،
7. في بداية مقالتك ذكرت ((بسام الزعبي))، ثم في رأس الصفحة (2) ذكرته ((باسم))، والأول هو الصحيح.
وأخيراً: أشكرك شكراً جزيلاً على ما كتبت، وأدعو لك الله أن يهديك إلى التبصّر في الأمور كلها، ففي العجلة الندامة، ومبلغ نفسي عذرها.
د. وليد سراقبي