زوات جميل حمدو شاعرة تعزف بريشتها السحرية أنغامها الشجية وتطرب مسامعنا بأبهى الألحان ،تتماوج قصائدها بعذوبةٍ وسلاسةٍ وتنهمر الحروف فواحةً بالعطر وأي عطرٍ أنقى وأطيب من عطر الوطن وأي بهاءٍ أضوى وأعطر من بهاء الوطن وشموخه،فالشاعرة أبحرت بنا بقصائدها لمطارح من جمالٍ وصفاء وأطربت مسامعنا بألحانه الجميلة فتارةً تتحفنا بمقطوعةٍ موسيقيةٍ للوطن وتارةً أخرى للحب والحنين والشوق وبين كل قصيدة وقصيدة تتماوج الحروف مزدانةً بأبهى حلّة وأنقى ثوب.
تقول في قصيدة ( شآم) ص: 16
يا بسمة الحب على مفارق الآلام
يا صدى اللحن الحزين
يابوح قيثارة حنين
يا ملتقى العشق على مدارج السنين
يامرقد الشمس في ظلال الياسمين
**
يا بلبلاً تخافه الاقفاص
ياجسداً قد خانه الرصاص
يا مشتلاً من الحبق
في لحظة العطر احترق
كثير من الشعراء تغنوا بالشام وكتبوا القصائد الجميلة فيها ولكل منهم طريقته في عشقه للشام ،شام العراقة والاصالة ،شآم الشموخ والعلاء والكرامة ،شآم المجد والكبرياء ،لطالما أذلت كل معتدٍ آثم وعند عتباتها ذلّت جيوش ،فها هو قاسيونها يشمخ عالياً وبردى مازال يغازل صبح غوطتها ،ومازال ياسمينها يضوع مختالاً في كل شارعٍ وحيّ ، ومازال حمامها يهدل فوق الجامع الاموي آمناً مطمئناً ،فالشام باقية بقاء الدهر مهما عصفت بها نوائبٌ وخطوب.
تقول في قصيدة ( يا جيشنا) ص: 21
أعتزُّ بجيشكِ يا شامي
والفخر يفتح أحلامي
ورداً والعطر يلازمني
فأعطّر فيه أيامي
أحياهُ بروحي وبقلبي
قد حصد النصر بإقدامِ
ضحّى بالدم لكي نحيا
يشفي أحزاني ..آلامي
وشهيدٌ بتبعه ثانٍ
بشهادته كم يسمو هامي
عندما يكون لديك جيش كالجيش العربي السوري يحق لك أن تتفاخر وترفع رأسك عالياً ،فجيشنا من ميسلون وتشرين سطّر لنا ملاحم البطولة والفداء ودحر العدو الغاصب في كل نازلةٍ ،وحمى الحدود والأرض وصان العرض ،وها هو جيشنا الباسل يواصل مسيرة الكفاح والنضال والزود عن حياض الوطن ويطارد الارهابيين في كل شبرٍ من أراضنا الحبيبة فهذا التراب مقدس لا يصونه إلا جيشنا المغوار ،جيشٌ تسلّح بحب الارض وقطع العهد على بذل الغالي والنفيس في سبيل صون التراب. وهاهو جيشنا يقدّم الشهداء ،شهداء الحق والواجب وفي كل يوم قرابين في سبيل رفعة الوطن وشموخ علمه.
تقول في قصيدة (عرس الانتصار) ص: 36
أبي ..
أبي يا أبي
آنه الوحش يا أبي
يطاردني
وفي الطريق ألف طفلٍ
يتيم
وفي فؤادي ألف جرحٍ
قديم
لاشك أن الارهاب المقيت الذي دخل بلادنا جاء كوحش برّي وبدأ ينشب مخالبه في كل شيء جميل ،قتل الاحلام وضحكات الاطفال،فطاردهم في الدروب والأحياء والحدائق وزهق الأرواح وشرّد الكثير عن ديارهم .
وفي مقطع آخر تقول :
وغداً
يحلو اللقاء
والياسمين
يراقص العاشقين
بخمرة الحب والقبل
وبردى
يوقظ الاحلام والرغبات
الغافية
في حضن المقل
هذا اليوم تراه الشاعرة وتعيش تفاصيله قبل أن يأتي
نعم ستعود الضحكات رغم حقدهم وبغضهم وسوادهم البغيض ،ستعود لبردى نشوته وللياسمين عطره وسينعم العشاق بالمواعيد ،وسيعم الفرح كل الارجاء وترحل الاحزان دون رجعة وتعود الأماسي الجميلة ويحل الأمن والأمان في ربوع بلادي .
تقول في قصيدة( خذني إليك) ص: 52
خذني… .
وطر بي
امرأة تتأبط ذراعك
كتاباً في حقيبتك
قصيدةٌ فوق شفاهك
فأنا…
وجدت في عينيك
المدينة التي أشتهي
والوسادة التي اشتهي
وزورقاً…
يطير خارج حدود الزمان
مناجاة عاشقة استبدّ بها الشوق والحنين وعصفت بها الايام وأرقتها مسافات البعد وألهب قلبها الوجيب
فلم تعد تطيق صبراً ،فالمكان يضيق بها والوقت كالجمر يحرق أيامها بهدوء ،فالحبيب وحده الدفء والأمان والملاذ المرتجى بعد سنين البعد القاسية ،وحده المحطة الأخيرة فهو البحر والمرسى مهما اشتدت العواصف والشراع القوي حين تتلاطم امواج الايام ،واليد الحنونة عندما تعبس الحياة وتقسو ،والصدر الدافى عندما يهجم صقيع العمر.
تقول في قصيدة ( نداء حبيبة ) ص: 65
يا مبحراً في الهجر إنك راحلُ
وجعي بهجركَ إن هجركَ قاتلُ
صدرٌ وكم ضاق الجفاءُ بوقعهِ
أي المعابرِ في هواكَ أواصلُ
إذ أنتَ مابين الوصالِ وجفوةٍ
إذ تارةً تأتي وحبّكَ شاغلُ
قلبٌ يموجُ بمدّه وبجزرهِ
وجعٌ وتزكو في مداهُ قلاقلُ
ونهلتُ كأساً بالمرارِ صرفها
وحسوتُ أحلاماً وقهركَ نازلُ
لحظة اشتعال الحنين واتقاد جمرات العشق تصبح الروح كورقة تذروها الريح في المدى ويندب القلب الملتاع بؤس اللحظات ، مؤلمٌ هو الهجر قاسٍ ومرير وأيامه عصيبة يدمي بصمت ويحيل الليالي إلى كوابيس مقيتة، في الهجر لا ينفع الدمع ولا الحسرات ولا ألف كأس أمل وحلم، ولا استغاثات آخر الليل حين يصير الوقت أجوف تتوه به كل النداءات وتشتعل أصابع الوقت بجمرِ التنهيد فالحب أحكم سطوته والقلب أعلن التمرد على الجسد .
تقول في قصيدة(لن أموت) ص: 96
لن أموت…
مادمت معك
وستحيا
مادمت معي
لأنك. رمز حياتي ومعناها
اخترتك…
مابين الاقمار ياقمري.