تمتاز موسيقانا العربية بنوعين من التأليف
١- الغنائي ويأتي في مقدمته الموشح .
٢- والآلي ويأتي في مقدمته السماعي) وكلاهما عصيان على الشعراء وعلى الملحنين …! لذلك يحق لنا بأن نعتبرهما من الدرر المكنونة في عقول بعض عباقرة من استطاع أن يضع فيهما موشحة أو سماعيّاً….!
فلكل منهما مبنى خاص وشرعة لا تتوفر في تركيبات المؤلفات / الغناسيقية/
لذلك نجد هذا التراث يرقد في سبات عميق بين دفّات الموسوعات الموسيقية منذ عصر الأندلس وحتى يومنا هذا إلا خمسين عاماً حينما بدأ نجمهما ينحسر ليغيب في كهوف النسيان على الرغم من نداءات البحاثة والمؤرخين والمنظرين العرب الذين يختتمون مؤتمراتهم بتسطير التوصيات التي تدعو إلى تطوير الموسيقا العربية ؛ رغم أن بعضاً منهم ينبذ كل ماهو قديم ويصفونه بالموروث المتخلف البطيء الذي يحاكي الزمان الذي أبدعه ؛ ويدعون إلى الحداثة التي تفتقد المنهجية العلمية الصارمة في بناء السماعي والبشرف ، والموشح والدور ، فباتت تلك المؤلفات كما الأوابد التاريخية العمرانية .
من أجل ذلك استطاع المؤلف الموسيقي الدكتور فراس يعقوب آغا أن يساهم في إغناء هذا الموروث البديع بتأليفه لحناً من قالب السماعي الذي يبنى على إيقاع خاص ومن مقام يكنّى المؤلَّف باسمه ( كالنهاوند والهزام والراست…إلى آخره(.
كما قام بلمِّ شتات إبداعات ( آل يعقوب آغا ) اللحنية وفي مقدمتهم الأخوين
الأستاذ موفق يعقوب آغا والأستاذ فتحي يعقوب آغا.
مرتكزاً على إيمانه بإتمام رسالة الأقدمين ممن سبقه في هذا المجال (كالدكتور فؤاد رجائي القلعة ، والأستاذ نديم علي الدرويش )، في جمع هذا التراث وتدوينه، فتكللت يداه بطهر البياض الذي يترجم سريرته ومقاصد مبادرته ومآل دعواه في وصل الماضي بالحاضر فتحقق له ما أراد فأتى كتابه الموسوم بعنوان : (موشحات آل يعقوب آغا الحموية (يرتكز فيه على أن الموشح يبنى على شعب
أساسية هي:
١-الفن الشعري ذو الخصوصية البنيوية.
٢- الشكل الموسيقي الذي له فرادته.
٣- فن الاستعراض والأداء الجماعي ( موسيقياً وجوقة ) بما ينتج عملاً إبداعياً متكاملاً لا يقل شأناً عن الأوبرا.
وقسم د. فراس كتابه إلى قسمين :
القسم الأول : دراسة نظرية في علم وفن الموشح ونشأته.
أما القسم الثاني : فيحتوي على النصوص الشعرية ملحقاً بها الدرجات السلمية للمقام ؛ ومن ثم المدرج الإيقاعي الخاص بلحن كل موشح على حدة ؛ ويقابلها في الصفحة التالية التدوين الموسيقي للموشح الملحن.
كما قام الباحث بفصل السماعيات عن الموشحات متبعاً في ذلك الترتيب نفسه المعتمد من قبل الأستاذ الباحث نديم علي الدرويش والوصلات المدونة في كتاب الدكتور فؤاد رجائي القلعة.
وأبدع مؤلف الكتاب حينما جعل فاتحة الكتاب عبارة عن تراجم ذاتية موجزة لكل الشعراء الذين أبدعوا في قرض قصائد الموشحة الشعرية ؛ ولكل ملحن استطاع أن ينسج حلّة لحنية موسيقية لتلك النصوص ؛ أو يَعْمُرَ في الزمان لحناً لكل سماعي ورد في هذه الموسوعة الأولى بعد مضي نصف قرن على من سبقها في الميلاد في هذا النوع من التأليف الغنائي والآلي العربي السوري.
دعوة : أوجهها لكل الباحثين والموسيقيين والمطربين- الحمويين في المقدمة- ومثلهم من زملائهم السوريين للإطلاع على هذه المؤلفات والعمل بها عزفاً وغناءً.
كمال الديري